الجديد

عقيدة الموت عند القدماء المصريين

ان فكرة بحثنا هذا يدور حول ما لدينا من حقائق وتوثيق عن عقيدة الموت عند القدماء المصريين، لان الحضارة المصرية من زاوية عقائدية نجدها اهتمت بطريقة كبيرة بعقيدة البعث وحياة الخلود في العالم الاخر.

عقيدة الموت عند القدماء المصريين

وهى من هذه الناحية تعتبر الحضارة الأولى والأخيرة في تاريخ البشرية التي اهتمت بهذا النوع من المعرفة حتى جاءت رسالة القران الكريم، وشرحت أيضا عقيدة الموت والبعث والخلود بصورة شاملة دون الرسائل الدينية الأخرى. وفى كثير من الأحيان نجد هناك توافق كامل بين ما ذكر في الحضارة المصرية القديمة، وبين ما ذكر في كتاب الله وهو القرآن الكريم.

وهذا يدل من ناحية أخرى لا شك فيها على الاطلاق بان الدين في الحضارة المصرية لعب الدور الرئيسى الهام والكبير منذ عصر ما قبل توحيد القطرين وتكوين الاسرات المصرية. ولذلك خشى المصرى القديم من الحياة الأخرى اكثر من الحياة الدنيا وعمل لها وهذا ما نجده في الكثير من النصوص المصرية حيث الطريق الى الجنة او الى النار.

وهذا يثبت أيضا للتاريخ البشرى بأكمله بان المصرى القديم عرف بان الحياة الدنيا ما هي الا رحلة قصيرة لان هناك الأبدية (العالم الاخر) وهو عالم الخلود والحياة الحقيقية والعمل على الوصول اليها بسلام. وفى هذا المضمار نجد بان فكر المصرى القديم انحصر في نقطتين هامين ولا ثالث لهما وهما:

  1. عقيدة ما بعد الموت وهو الاعتقاد في البعث والخلود.
  2. الاعتقاد في الثواب والعقاب.

وفى بحثنا هذا سنحاول بفضل الله وبما لدينا من وثائق ونصوص مصرية بان نتعمق في الفكر المصرى القديم لنتفهم ما كان يقصده في هذا الامر وخاصة بان حلم المصرى القديم سواء كان ملكا او غفيرا بان يصل برحلته الى بر السلام والأمان ودخول جنة الايارو. ولكن قبل التجول في كل ذلك لابد ان نعود الى الجذور الأولى في هذا الموضوع وهو الموت نفسه وكيف عرف المصرى الموت وعرفه عن طريق الروح.

الروح

عرف وأمن المصرى القديم بان الروح البشرية هي سر الحياة وفرق أيضا بين الروح والنفس (سبحان الله) بل توغل في الامر ذاته وقال بان الروح تتكون من خمسة أجزاء وهى: الرن والبا والكا والايب والشيوت. وكان يعرف الجسم البشرى باسم (خات = الجسم) وان الروح هي اهم جزء في جسم الانسان الدالة على الحياة والتنفس وما الى غير ذلك. فاذا صعدت هذه الروح من جسد الانسان فيكون الانسان هكذا قد انتقل الى العالم الاخر وانتهت حياته على ارض الدنيا تماما.

وهنا حدث اختلاف علمى كبير ومازال هذا الخلاف موجودا حتى الان وهو الروح هي الكا او البا ؟؟ وهناك من قال بان (الكا) هي قرين الانسان وان (البا) هي الروح، واقول برأى الشخصى المتواضع سواء كان هذا او ذاك فلا أختلاف مطلقا، لان كلاهما سيترك جسم الانسان عند الموت. والدليل على ذلك ان المصرى القديم صور الموت او حدوث الموت عندما تغادر الكا او البا جسم الانسان.

ولذلك كان الغرض من طقسة فتح الفم (وب ار = فتح الفم) من الطقوس الهامة في الدفن، وكان الغرض منها ليس لقول الحقيقة كما يشاع في الدراسة الجامعية، ولكن الغرض منها وكما تشير النصوص التخصصية في ذلك تهدف فقط الى استعادة القدرات البدنية للشخص بعد الموت بحيث يسمح الجسم بان تتحد البا مع الكا في العالم الاخر.

ولأهمية البا اى الروح في العقيدة المصرية القديمة فلقد رمز اليها المصرى بشكل طائر له وجه انسان وبما انها لا تفنى فلابد كذلك من المحافظة على الجسد لكى لايفنى، والمحافظة عليه حتى تعود الروح وتعثر عليه وارشاده الى العالم الاخر، ومن هنا فكر المصرى القديم في كيفية المحافظة على الجسد ونشأ عنده فكرة التحنيط منذ اقدم العصور.

  • ملاحظة هامة جدا

في طقوس الدفن في الإسلام مثلا بان يجرى طقسة فتح العين واحيانا يوضع فيها بعضا من التراب وان الجسد في الاخرة عند القيام سوف يذهب الى دار الحق والحساب ومعه القرين ليكون شاهدا وشهيد عليه في اعماله الدنيوية.

اما في العقيدة المصرية القديمة فنجد نصا هاما يشير الى تلك الأمور حيث مقبرة (باحرى) وهو امير من الاسرة 18 وكان اميرا لمدينة نخن، ونجد نصا بليغا وتم ترجمته عن طريق الاثارى (جيمس ألن) يقول:

إن حياتك تحدث من جديد، دونما تفريق بين (با) الخاصة بك وجثتك، مع وجود با الخاص بك إلى جوار (آخ) الخاص بك يجب عليك أن تخرج كل يوم وتعود في كل مساء. سيتم إضاءة مصباح لك في الليل حتى تشرق الشمس مرة أخرى صدرك، وسوف يقال لك: مرحبا، مرحبا بك في منزل الأحياء.

ومن هذا نقول بكل وضوح وبدون اى شك على الاطلاق بان المصرى القديم يعتبر اول انسان يعرف الموت بانه (طلوع الروح) او (الانتقال الى الحياة الأخرى) وفى العصور المتاخرة عرف بانه (نهاية كل انسان).

البا (الروح)

كانت البا في الفكر المصرى القديم هي جزء فى جسد الانسان وتميزه عن غيره من الأشخاص الاخرين، فلكل انسان له (با) الخاصة به هو فقط، بل إنه في الدولة القديمة كانت الأهرامات تسمى احيانا (با الخاص بصاحبها) والبا هو جانب من جوانب الشخصية التي اعتقد المصريون أنه يعيش بعد موت الجسم، ووصفت في بعض الأحيان كطائر برأس إنسان تخرج من القبر للانضمام مع كا في الآخرة.

وفى نصوص التوابيت من عهد الدولة الوسطى نجد شكل واحد من (با) التي تخرج الى حيز الوجود بعد الموت. واعتقد بانها مادية تاكل وتشرب كما كان صاحب البا نفسه في الحياة الدنيا، ولذلك وضع المصرى القديم قرابين من الماكولات المختلفة حتى الخبز أيضا وهى التي تحتاجها البا حتى يقوم الانسان من مرقده ورحلته الى العالم الاخر.

ولذلك قال العالم لويس جاكبار بأن (البا) ليست جزءا من جسم الشخص بل هي الشخص نفسه، على عكس مفهوم الروح عند الاغريق، أوحتى فيما بعد عند الأديان اليهودية والمسيحية أو الإسلام. فقد كانت الفكرة من وجود غير مادي أو كما يسمى روحي تماماً أجنبيا وغريبا بالنسبة للفكر المصري. ويخلص جاكبار أن ذلك على وجه الخصوص إلى أن مفهوم با في الفكر المصري القديم لا يجب أن يترجم ولكن بدلا من ذلك يوضع على هامش أو كشرح اعتراضي باعتبارها واحدة من وسائل جود الشخص. وفي طريقة أخرى للوجود وصفت (با) المتوفى في كتاب الرحلة النهارية وهي عائدة إلى المومياء وتشارك في الحياة خارج المقبرة في شكل غير مادي، مرددة التراتيل الشمسية لرع و متحدة مع أوزوريس كل ليلة))

وقال تعالى في سورة الاسراء الآيه 85

((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا))

تلك الروح التي شغلت بال وفكر الانسان منذ القديم من الزمان وحتى وقتنا المعاصر. ومازال علماء الإسلام حتى وقتنا المعاصر يبحثون في امر الروح والنفس والفروق بينهما. وحتى لو كان المقصود أيضا بانها النفس، فلقد أخبرنا أيضا بها الله تعالى في سورة آل عمران الآيه 185

((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ))

سورة الفجر 27-30

((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبَادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي))

الكا (القرين)

تعد الكا في الفكر المصري القديم هي كذلك التى تفرق بين الحياة والموت او بين الحى والميت، فبعد وفاة الإنسان تغادر الكا جسده. وكان إعتقاد المصري القديم أن الإله خنوم هو الذى خلق جسد الأطفال بإستخدام عجلة الفخار ثم وضعهم في رحم أمهاتهم.

وكان فكر المصري القديم كذلك أن (الإلهه حقت أو مسخنت) هى التى خلقت (الكا) الخاصة بكل إنسان، ووضعته داخل كل إنسان لحظة ولادته كجزء من روحه، والتي جعلته بشرياً قادر على الحياة، وهو الأمر الذى يتشابه مع مفهوم الروح في الديانات الأخرى “اليهودية و المسيحية و الإسلام”.

وكان الإعتقاد الفكرى عند المصريين القدماء أن (الكا) مستمرة فى جسم الإنسان طالما يأكل ويشرب، ونتيجة لذلك كان يتكون القربان المقدم للمتوفى من الطعام والشراب، وفى أغلب الأحوال مثلت (الكا) في الفن المصري كالصورة الثانية للملك، الأمر الذى أدى إلى ترجمة (الكا) بمعنىى مزدوج او قرين.

ولقد ورد أيضا ذكر القرين في القرأن الكريم وهو اصدق الصادقين، وفيه ذكرت العديد من الايات البينات ومنها:

  • سورة الزخرف الاية 38 ((قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ))
  • سورة الصافات الاية 51 ((قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ))

الآخ

ان موضوع (أخ) من الأمور البحثية الهامة في الفكر المصرى القديم حيث لا تحديد دقيق لمفهومها، فهى طبقا للترجمة تعنى (الفعال بشكل سحرى) وهو مفهوم يدور أيضا حول مفهوم الموت، وقد اختلف هذا المفهوم طوال التاريخ المصرى القديم. ففى الفكر المصرى يعنى بأن (آخ) لعبت دورا هاما في الحياة الاخرة. ولذلك أقول بكل صراحة ودقة بان مفهوم اخ في العقيدة المصرية القديمة غير مفهوم او واضح على الاطلاق مهما قيل عن ذلك.

فبعد وفاة الجسم (الخات) يحدث لم شمل للبا والكا) بهدف إعادة إحياء الآخ، والذى لا يحدث إلا بعد القيام بطقوس جنائزية معينة، والتى يأتى بعدها مجموعة من القرابين المستمرة. وتسمي تلك الطقوس بإسم (سي آخ)، وفيها يتحول المتوفى إلى (آخ حية)، وقد يؤدى عدم تهيئة القبر بطريقة مناسبة للمتوفى أو القيام بتخريبه إلى جعل آخ المتوفى كالشبح المتجول فى عالم الأحياء، وذلك الإعتقاد كان فى فترة الرعامسة.

وتستطيع الآخ الهائمة فى عالم الأحياء أن تقوم بإحداث العديد من الأمور الشريرة أو الخيرة للأحياء، مثل مشاهدة الكوابيس، أو الشعور بالذنب أو المرض … إلخ. ويمكن من خلال ترك كتابات في مقبرة المتوفى أن تخرج الآخ لمساعدة أفراد أسرته الأحياء، وأيضاً لإلحاق الأذى ببعض الأشخاص.

وكان يتم فصل الآخ وتوحيد الكا والبا بعد الموت مباشرة من خلال تقديم القرابين المناسبة وكتابة التعاويذ. وقد كان هدف الأدب الجنائزي المصري كنصوص التوابيت، وكتاب الموتى هو مساعدة المتوفى ليصبح آخ حتى لا يموت مرة أخرى.

عقيدة ما بعد الموت عند المصرى القديم

عقيدة ما بعد الموت عند قدماء المصريين هى الاعتقاد في البعث والخلود، والذى يعنى بوجود حياة اخري يتمتع بها المتوفي بعد الموت وهى أنه سوف يبعث مرة أخرى للحياة والتى ستكون حياة خالدة. وهذا الامر لا فرق فيه بين ملك أو غفير بل كل المصريين بل والبشرية جمعاء.

وأدى ذلك الإعتقاد الي قيام المصرى القديم بحفظ الجثث فيما يعرف بأسم التحنيط، وكان يتم دفن الموتى في مقابر بالصحراء حيث الجفاف الذى يعمل على حفظ الجثث. بل الأهم في هذا كله هو ليس المحافظة على الجسد في حد ذاته بل (القلب) فقط ولذلك كان تحنيط القلب له خاصية هامة للإنسان عند الحساب يوم الحساب في العالم الاخر.

ويعتبر البعث والاعتقاد به اهم ما تميزت به العقيدة المصرية القديمة حتى قبل نزول الرسالات السماوية وهو حق، ويجب الايمان به أيضا. وخاصة بانه كان آنذاك حضارات واقوام لا يؤمنون بالبعث على الاطلاق ولقد أشار القرأن الكريم في ايات كثيرة الى ذلك.

  • سورة هود الآيه 7 ((وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ))
  • سورة الحجر الآيه 36 ((قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ))
  • سورة النحل الآيه 21 ((أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ))

وكذلك ذكر القران الكريم العديد من الايات التي تحث على الخلود في العالم الاخر ونذكر منها:-

  • سورة آل عمران الآيه 15 ((لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا))
  • سورة النساء الآيه 169 ((إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا))
  • سورة لقمان الآيه 9 ((خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))

ولذلك تميز الفكر المصرى القديم ومنذ جذوره الأولى بالتأكيد على وجود الحياة الأخرى بل الأهم هو الخلود فيها سواء كان خيرا في جنات الايارو او في النار. وان الحكم في ذلك يعود الى المحاكمة التي سوف تجرى في العالم الاخر، وكما ذكر ذلك كليا في بردية انى وغيرها. وهذا يدفعنا الى الانتقال لمعرفة تلك المحاكمة والاعتقاد في الثواب والعقاب.

الاعتقاد في الثواب والعقاب بعد الموت

كان للمصريين القدماء تصور بأن الروح تخضع للحساب موت الإنسان، وتتمثل محاسبة الروح فى وقوف الميت امام محكمة من 42 قاضياً يرأسهم الاله اوزيريس (اله الموتي)، ويسرد المتوفى أعماله الحسنة، ويتبرأ من السيئة، ويوضع قلبه في ميزان العدالة فى كفة حيث وفي الأخري ريشة العدالة الخاصة بماعت (الهة الحق والصدق) فإذا خفت موازينه فيكون المتوفى صالحاً وان رجحت موازينه فيعرف بأن المتوفى كان عاصياً في حياته، حيث يوجد في الساحة حيوان مفترس يسمى “عمعم” يمزق اجساد الكافرين.

وقد ابرزت بردية أنى وغيرها محاكمة الموتى، والتى فيها الإله اوزيريس قاضياً، والإله آنوبيس إله الموت مسئول عن عملية وزن القلب، وفي الكفة الأخرى للعدالة توجد الإلهة ماعت. والإله تحوت (إله الحكمة) مسئول عن تسجيل النتيجة. وفي نهاية المحكمة على المتوفى تقديم اعتراف لتبرير أفعاله السيئة التى فعلها في الأرض.

فالاعتقاد في الثواب والعقاب يعتبر أيضا من ثوابت العقيدة المصرية القديمة والتي تميزت بها أيضا دون غيرها من الحضارات القديمة الأخرى حتى قبل ظهور الرسالات السماوية. وقد ورد أيضا في القران الكريم الكثير من الايات الدالة على هذا المعنى وهو الثواب والعقاب.

  • سورة البقرة 196 ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))
  • سورة الانفال 48 ((إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ))
  • سورة غافر 3 ((غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ))

وفى ايات الثواب قال تعالى في القرآن الكريم:-

  • سورة ال عمران 145 ((وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا))
  • سورة السناء 134 ((فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))
  • سورة القصص 80 ((وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا))

وهنا ناتى الى سؤالاً هاما وقد سمعته كثيرا من أجانب زائرين او متخصصين وهو: من أين اتى المصرى القديم بكل هذه الأمور مع انه في وقته آنذاك لم يكن هناك رسالة سماوية قد نزلت أو حتى انبياء؟؟. والاجابة على هذا السؤال لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق الحديث عن الفطرة والتي لا يصدق فيها الكثير منهم!!.

الفطرة

ان المشكلة الرئيسية بيننا نحن المسلمين وبين اهل الارض جميعا اننا جميعا لا نتفق على معنى الفطرة بالرغم من ان هناك علماء قالوا بين السطور بان التوحيد سمة بشرية منذ عصر الانسان الاول ولكن جاء الاختلاف على حسب وهوى كل عالم محلل لهذا الامر. ولنبدأ الان فى معرفة معنى الفطرة التى فطر الخالق الناس عليها وخاصة انه تعالى ما خلقنا الا لنعبده ونعمل العمل الصالح وهل فى ذلك شكا ايها الانسان!!.

من ناحية الأنبياء

ان الله تعالى قد وعد الانسان منذ خلقه بانه لن يترك الناس وحدهم دون انذار او تبشير وارسال الأنبياء والمرسلين في كل زمان ومكان، وقد ختمها الله تعالى بالرسالة الأخيرة الى البشرية جمعاء وهى رسالة القران الكريم. ولذلك فان الغرب نفسه لا يريد تصديق كل ومازال باحثا حائرا معاندا مع ان رسالة القرأن الكريم وضحت له كل شيء تاريخيا ولكنهم لا يريدون التصديق. فالقران الكريم أصلا فيه الكثير من التوضيحات التاريخية وهو كتاب شامل كامل في كل شيء ولم يفرط الله فيه من شيء.

فمنذ القديم من الزمان وهناك دائما رسلاً وانبياء مبشرين ومنذرين بل ان علماء إسرائيل قالوا بانفسهم بان الله تعالى ارسل منهم كانبياء ومرسلين ورجال صالحين ما يزيد عن 124 الفا في التاريخ البشرى، فلماذا لا يصدق اهل البشرية ذلك أيضا؟؟ ونذكر ههنا قول الله تعالى فى ذلك في كتابه الكريم وهو اصدق الصادقين.

  • سورة الزخرف 6 ((وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ))
  • سورة إبراهيم 14 ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ..))
  • سورة فاطر 24 ((وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ))
  • سورة غافر 78 ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ))

وفى الحضارة المصرية القديمة نجد شيئا غريبا حقا وهو لقب مجهول تماما وهو لقب (الكاهن النبى) ومن الغريب أيضا نجد بان كل الأسماء التي تخص هذا اللقب ممحوة تماما عن قصد وتعمد لا ندرى لماذا او حتى من فعل ذلك؟؟

وهناك في عهد الملك رمسيس الثالث كان احد كبار موظفيه لا أتذكر اسمه الان وكان يقص سيرته الذاتية وقال بان والده كان يعمل في وظيفة كاهن نبى، ولكنه للأسف الشديد لم يذكر شيئا عن خصائص هذه الوظيفة على الاطلاق.

الفطرة عند المصريين القدماء

اذا طبقنا ذلك على جذور الحضارة المصرية القديمة سيتوقف الانسان عند العديد من النقاط التى تستحق الدراسة التحليلة الكاملة ومن هنا يتبادر لدينا الاجابة الصحيحة للعالم والتى منها من اين اتى الانسان البدائى بكل هذه المعلومات وكيف عرفها!!.

ولا ننسى أيضا وكما قال علماء الحق المتخصصين في الحضارة المصرية القديمة بان هذه الحضارة قامت أساسا على فكرة التوحيد، وهكذا كانت فطرة الانسان المصرى القديم بل والانسان البدائى في مصر القديمة بدون شكا مطلقا.

ثم لماذا يتجاهل العالم ما قاله احد علماء الغرب حول العقيدة المصرية القديمة وهو الباحث العالم (والس بدج) والذى قال بنصا صرحيا وحرفيا بان ((عقيدة القدماء المصريين كانت التوحيد)) فلماذا تتجاهلون مثل هذه الاقوال من علماء انتم انفسكم رفعتموهم الى مصاف العلماء العظام والذين لن يتكرروا فى البحث حول الحضارة المصرية القديمة.

ان الفطرة يا سادة تعنى بان الله تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد وكما قال الامام ابو جعفر رحمه الله، ولذلك قال تعالى فى القرآن الكريم فى سورة فاطر الايه 1 ((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)). ومعنى ذلك بان الانسان الذى هو اهم من السماوات والأرض والذى خلقه تعالى في احسن تقويم، منذ خلقه الله تعالى وبه الفطرة التى تدله على التوحيد ولكن اكثر الناس لا يعلمون، وخاصة ضعيفى النفوس والسائرين على نهج الهوى بدون اثبات يقينى مطلقا.

ومن هذه الاشياء التى يجب بحثها بدقة على سبيل المثال لا الحصر في فطرة المصرى القديم هي (عقيدة البعث) ويعنى ذلك بان الانسان المصرى القديم منذ اقدم العصور وكما فى حفائر اقدم المقابر على الاطلاق فى ام القعاب وهى مقبرة الملك (عقرب الاول) والتى تعود الى عام 3300 ق.م واكثر نجد بانه كان يؤمن بالبعث والرحلة الى العالم الاخر ليعيش ابديا فى سلام.

ففي الدراسة الدقيقة لمعنى البعث فتكمن هذه القوة فى اله حقيقى واحد احدا لاشريك له لانه هو الذى احيا وهو الذى يميت وهو الذى سيبعثنا مرة اخرى فى العالم الاخر، وهو الذى سيقوم بحسابنا ويحكم علينا بالدخول فى الجنة او النار. وبما ان الانسان اعتقد فى الجنة والنار وان الحياة الارضية ليست ابدية فيعنى ذلك بان الانسان القديم اعتقد فى البعث وان لهذا الكون الها واحدا فقط وهو الخالق العلى القدير.

وكذلك فان الانسان الاول اعتقد ايضا فى شىء مغيب عن الناس تماما فى عصرنا الحديث وهو العدو الاول للانسان وهو (الشيطان الرجيم) ولقد ذكر اسم الشيطان فى الحضارة المصرية القديمة باسم (اسفيتو) وهو العدو الحقيقى للانسان والذى لا يريد له الحياة الابدية المنعمة، وهل بحث احدا من علماء اليوم والمتغالين فى دراسة الحضارة والعقيدة المصرية القديمة هذا الامر؟؟.

ثم أخيرا ألم تذكر كلمة (الايارو) الجنة فى النصوص المصرية القديمة؟؟ ومعنى ذلك بان الانسان القديم عرف الجنة والنار وعرف العدو الاول له وهو الشيطان، فكيف بعد كل ذلك يتعالى الكثيرون فى حقائق وجذور العقيدة المصرية القديمة؟؟.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-