الجديد

الوعي السياسي في مصر القديمة

الوعي السياسي في مصر القديمة فى البداية يجب أن نعرف ما هو المعني اللغوي الخاص بالوعي السياسي؛ إن معني كلمة وعي هي ادراك الشي وبلوغه، بينما كلمه سياسه فهي من الفعل ساس وسياسيه اي تولي رئاستهم وقيادتهم اي انها تعني كل شي سياسي متصل بالدوله او الدستور او النظام السياسي.

الوعي السياسي في مصر القديمة

وهناك عدد من العناصر المشكلة للوعي السياسي في مصر القديمه ومن خلالها نستطيع التعرف علي مستوي الوعي السياسي في الدوله ينبغي لنا ان نتطرق اولاً الي طبقات المجتمع في مصر القديمه فقد تكون المجتمع المصري في معظم الفترات من ثلاث طبقات وهى:

  1. الطبقه العليا: وتتكون من الملك وحاشيته واسرته والوزراء، ومن حولهم كبار موظفي الدوله، وامراء الاقاليم وكبار الكهنه، وكبار القاده العسكريون.
  2. الطبقه الوسطي: تتكون من الموظفين، وصغار ملاك الاراضي الزراعيه والصناع والتجار.
  3. الطبقه الدنيا: تتكون من عمال الزراعه والصناعه والصيادين والرعاه والخدم والعبيد.

رأى هيرودوت عن المجتمع المصرى

اما هيرودوت فقد رأي ان المجتمع المصري في أول أمره انقسم الي طبقتين بينهما فرق كبير وهما، طبقه عليا: وهي الحاكمه المتمثله في الفرعون واسرته وحاشيته وكبار رجال الدوله. طبقه كادحه مكونه من عمال الزراعه والصناعه والصيادين والملاحين والخدم. وقد ذكرت هذه الطبقات ايضا في برديه ايبو – وسيتم الحديث عنها فيما بعد فيقول:

ỉw .ms šmȝw ḫpr (W) m nbw špss tm ỉrt .n.f tbty m nb ˁHˁw

الترجمة: وآآسفاه، ان الفقراء أصبحوا مالكي ثروات، ومن لا يمتلك (لم يصنع له) نعلاً (أصبح) صاحب ثروات.

واشتملت ايضا النصوص الجنائزيه الخاصه بالاعمال الجنائزيه علي تصنيفات لطبقات المجتمع ففي مقبره الامير (حابي – جفاي) حاكم اسيوط بمقبرته ان المجتمع تكون من اربع طبقات وهي حاكم الاقليم حاتي، والموظف، والمواطن، والفلاح.

عناصر تشكيل الوعي السياسي في مصر القديمة

كان للمصري القديم فلسفته الخاصه به فقد نظر الي الكون باعتباره كتله واحده لا تتجزأ، فقد نما الاعتقاد بوجود علاقه بين الملك والمعبودات وان هذا الملك هو الوسيط بين البشر والمعبودات حتي ان الملك بعد وفاته يحيا حياه ثانيه في العالم الاخر.

شرعيه النظام الحاكم ودوره فى الوعي السياسي في مصر

وقد نظر المصريون الي الملك باعتباره سارع ابن الاله وهو حورس الذي يحكم الناس بتفويض من الخالق الاكبر، ويدير شئون الشعب ولكن رغم ذالك ظهرالملك واتصل مع الشعب فظهر في الاحتفالات والاعياد وعلاقات شخصيه ببعض رجال الدوله ومن واجباته الدفاع عن مصر وحمايه حدودها من غارات الشعوب المجاوره وتامين مصالح شعبه وهذا علي الرغم من طبيعه الملك التي كانت تحمل صفه الهيه الا انه في بعض النصوص كان يبرز فيها الجانب البشري الخاص بالملك.

ففي نبوءه نفرتي تحدث الملك سنفرو ال حاشيته باعتبارهم اخوانا له وقد لقب بالملك المحبوب، والموقف الاخر يخص الملك نفر اير كارع ثالث ملوك الاسره الخامسه حينما قام بارضاء احد رجاله رع ور عندما لطمت عصا الفرعون ساقه من غير قصد حتي ان الملك امر بان ينقش مع حدث علي حجر يوضع في قبر رع ور.

وفي العصر الاهناسي وجه الملك خيتي لابنه مري كا رع ينصحه بالالتزامات المطالب بيها اتجاه رعاياه حيث يقول “اعط حبك لاناس الارض، الشخصيه الطيبه تصبح ذكري”. وبالنطق اللاتينى ỉmỉ mrwt.k n tȝ- tmw sḫȝ pw ḳdw nfr

وسجل رخميرع وزير تحتمس الثالث في نقوش مقبرته بغرب طيبه مرسوم بتكليفه باعباء الوزاره وتعاليم الفرعون له وبدا تحتمس الثالث حديثه لوزيره رخميرع وتعليماته له بان (الرب يرفض التحيز) ثم قال بعدها ان الوزير يجب عليه ان يكون يقظاً منتبهاً لكل ما يحدث في البلاد لكون الوزير عماد الارض كلها.

اي ان العلاقه بين الملك وشعبه كانت تقوم علي الاحترام المتبادل والسعي لتحقيق العداله بكافه صورها، ومشاركته في الاحتفالات وامساك زمام الامور بمقتضي التفويض الالهي.

فكل هذا هو حق مكتسب للشعب علي حاكمه فاذا لم يقم بهذه المهام قام ابناء الشعب بالتنديد باعماله في بعض الاحيان ومثال علي ذلك تحذيرات ايبو- ور وشكوي القروي الفصيح.

الفكر الديني

ساهم الفكر الديني في تشكيل الوعي السياسي للشعب المصري فنجد في احد النصوص (الاله اعتني عنايه حسنه بالناس رعيه الاله، فخلق السماء والارض وفقاً لرغبتهم، وقضي علي الظمأ بان وفر الماء، وخلق الهواء لتحيا به أنوفهم، هم الصوره التي خرجت من اعضائه وهو يظهر في السماء حسب رغبتهم، خلق لهم النبات والماشيه والطيور والسمك).

ومن عناصر الفكر الديني التي شكلت الوعي السياسي لدي المصريين هو الماعت التي صاغها المصريون في افكار مثل الحقيقه والميزان والتوازن والعدل بل هي المنسقه لحياتهم وقد جاء مبدا التوازن في قصه الصراع بين حور وست الممثل للفوضي والعاصفه والعنف وانتصار حور علي ست في النهايه كان انتصار حور هو تحقيق العداله في مصر القديمه.

وقد اعتمد البناء الفكري لدي المصري القديم علي الدين الذى كان متغلغل في حياه المصري القديم وان الماعت هي الحاكمه لقاعه العداله في العالم الاخر فالفوضي هي عدو للماعت لذلك ظهرت الماعت لمقاومه الفوضي، و يتم تمثيل الماعت في هيئه سيده تحمل ريشه وكان لابد للملك عندم يتم توليه الحكم ان يقدم هذه الماعت للمعبودات الاخري وكان يصور ذلك علي جدران المعابد فنري حتسبشوت تقول: “انا اعظم الماعت التي يحبها رع لانني اعلم انه يعيش عليها، هي ايضاً قوتي”.

وكان القضاه ينوبون عن الملك في الحكم وكان الملك هو المصدر الوحيد للقانون علي اساس ارادته الامره، ولم تكن الماعت تعمل علي الغاء الفوارق الاجتماعيه ولكنها تمثل العدل في المجتمع.

العادات والتقاليد

تلعب العادات والتقاليد دوراً هاماُ في تشكيل الوعي السياسي فنجد في نصائح بتاح حت حيث يقول “شاور الجاهل مثل العالم، فانه لا توجد حدود للمعرفه”. وبالنطق اللاتينى nḏnḏ r.ḳ ḥnˁ ḫm mỉ rḫ (w) n ỉn twḏrw (n) ḥmt

وفي تعاليم كاجمني حيث يقول المتواضع يسلم ويمدح المستقيم”. وبالنطق اللاتينى wḏȝ snḏw ḥs(y) mtr

وفي مدائح سنوسرت الثالث يقول “ما اعظم شعاده الشعب بسداد رايك. يا من تقمع بقوتك”. وبالنطق اللاتينى hˁỉ.wy pˁt m sḫr .k ỉt n bȝw .k

الوضع السياسي للشعب المصري القديم

كان الملك هو الوسيط بين الشعب والاله وكان هو الحاكم علي الارض يد الاله فقد وصف رمسيس الثاني بانه (كا كمت) وكان الملك هو مصدر اسلطات والتشريعات وهو معلم لشعبه وحريص علي مصالح شعبه فعلي صولجان العقرب يظهر الملك ممسكاً بفأس.

السلطه الملكيه في مصر القديمه

حينما انهارت السلطه الملكيه في عصر الانتقال الاول واستممر هذا الضعف حتي الاسره الحاديه عشره وسيطره البيت الاهناسي علي الحكم في عصر الاسره العاشره والصراع الذي قام بين البيت الاهناسي والبيت الطيبي اي ان مصر كانت منقسمه بين شمال وجنوب مره اخري حتي استطاع منتوحتب (نب حبت رع) توحيد البلاد عام 2070 ق.م، وان يعيد الاستقرار والامان الي البلاد مره اخري وكانت لاسماء ملوك الاسره الثانيه عشره دلاله قويه من خلال ارتفاع اسم آمون في امنمحات.

وقد تغيرت نظره المصري القديم الي حاكمه في الدوله الوسطي عن مثيلتها في الدوله القديمه فلم يعد الشعب يهتم السلاله الملكيه للملك بقدر اهتمامه ان يحقق مصلحه البلاد وقتل امنمحات وتولي ابنه سنوسرت وقتل الملك هو بمثابه انتهاء لصوره الملك المؤله.

اما عن عصر الانتقال الثاني وطرد الهكسوس فقد كان الاحتلال صدمه للشعب المصري لانه كان يعتقد ان ارضه محميه طبيعياً من خلال صحراوتها وبحراها فهي ارض الاله التي لا تقهر فادرك المصريون وقتها انه لابد للسعي الي الامان والحريه فقد اشار المصريون الي الجيش بلقب جيشنا وليس جيش جلالته كما كان قبل ذلك وبدات حرب التحرير والتي قتل علي اثرها ملكين هما سقنن رع وابنه كامس وتولي الامر احمس وانتهي الامر بطرد الهكسوس وبدات الدوله الحديثه والطفره العسكريه والسياسيه. فاصبح شن الحروب والحفاظ علي سلامه حدود البلاد من واجبات الملك.

واصبحت هناك مراسم وتشريعات يصدرها الملوك مثل توجيهات الملك للوزير رخميرع بواجبات الوزير ومهامه وكذلك تشريعات حور محب. وادرك الملوك ان الشعب اصح علي درجه عاليه من الوعي لا يقبل علي اساسها اي حاكم لا يستمد حكمه من شرعيه حقيقيه فاصبحت هناك دعايه سياسيه للملك مثلل الولاده الالهيه للملكه حتشبسوت وكذلك تحتمس الثالث وتوليه برغبه المعبود.

علاقه الشعب بالحاكم

اختلفت علاقه الملك بالطبقه العليا حسب الوضع السياسي للملك فنجد ان في النصف الثاني من عصر الاسره الرابعه اختلف الامر عن قبل ذلك فقد تهيأ لكبار الافراد في عهد منكاورع من الثراء وحريه التصرف في مقابرهم اكثر مما تهيأ لاسلافهم في عهد ابيه وجدوده فكثرت تماثيلهم في المقابر وزادت نقوشهم والمناظر علي الجدران.

ومن المظاهر الحسنه التي تدل علي مدي التقارب بين الملوك المصريين القدامي وبين كبار رعاياهم ما سمح به الملك شبسسكاف احد ملوك الاسره الرابعه بتزويج ابنته الكبري من شابب يدي شبسسبتاح سليل اسره كبيره في الجنوب وايضا قام الملك ببي الاول احد ملوك الاسره السادسه بالزواج من ابنه حاكم اقليم جرجا وانجب منها ولي عهده مري – ان – رع محبوب رع وربما تزوج اختها بعد وفاتها.

اما عن علاقه طبقه العامه بالملك فلقد عمل الحكام علي تجميع أعداد كبيره من الزراع ليعملوا في خدمه المشاريع المتعلقه بالحكومه العامه ومنشات الملوك ومن المعروف ان الملك منكاورع كان رفيقا بالعمال الذين يعملون في مقابر اسرته فقد ذكر انه كان يجزل العطاء لخادمه.

ومن الدلائل التي تؤكد تولي افراد الشعب للمناصب الهامه هو القزم سنب وتوليه في عصر الاسره السادسه الاشراف علي مؤسسه حياكه ملكيه وهو من عامه الشعب وتزوج سيده من البيت الملكي وبني لنفسه قبراً في الجيزه ومن المناظر الموجوده فيه هو بذل المكآفات الي الذين كانوا يعملون في تلك المؤسسه مع سنب.

وفي الاسره السادسه دخل احد افراد الشعب في وظائف كبيره في الدوله حيث نشأ في وظيفه بسيطه في عهد الملك تتي فكان يعمل في وظيفه الصديق وعمل ايضا في الوظائف الكهنوتيه.

وكان من نتائج الثوره الاجتماعيه الاولي ان تغيرت نظره الشعب الي الملك فقد اصبح الملك اقرب الي البشر منه الي المعبودات ومن المواقف التي تظهر علاقه الملك بالشعب هو ما قاله القروي الفصيح: “هو يعاقب كل سارق علي هذه الارض كلها” وبالنطق اللاتينى Ntf grt ḫsf ˁwȝ nb m tȝ pn r ḏr .f وقال أيضاً “هل انا اسرق في ارضه” وبالنطق اللاتينى ỉn ˁwȝ.tw .ỉ rf m spȝt .f .. وتلك كانت نظره القروي الفصيح للحاكم بانه ياخذ علي يد السارق ولا يسرق احد في ارضه.

وعندما جاءت فتره الانتقال الاول وفيها قام الشعب ثوره للمطالبه بحقوقه في العدل والمساواه والحريه وهذا ما يدل علي بلوغ الشعب مرحله من الوعي والادراك ، واكبر مثال علي هذا الادراك والوعي هو الحكيم ايبو – ور وحيث انه وجه اللوم علي الملك واتهمه بانه السبب في ما حاق بالبلاد من ازمات حيث يقول له “ليتك تذوق بعض الآمه، وعندئذ سوف تتكلم عن (كل) شي، وبالنطق اللاتينى hȝ dpt.k m nhyw n mȝỉr ỉry kȝ ḏd .k m ḫt

فكان ايبوور يتمثل في انه صورت الشعب وضميره حيث انه عبر عن امال الشعب واوجاعه ورغبته في ان يتولاه ملك عادل يعيد الامور الي نصابها، وايضا من الدليل علي وعي الشعب هو اقتراح القروي الفصيح لاسلوب الاصلاح حيث لابد من معاقبه اللصوص وان يقوم الحاكم بحمايه الطبقات الفقيره في المجتمع وتطبيق العداله في الارض.

ومن الدلائل ايضا علي الوعي السياسي للشعب هي شكاوي عمال دير المدينه وتدور حول ان العمال تقاضوا حبوباً كانت تأتي من الفرع المنبثق من مخازن غلال الفرعون الواقعه بساحه معبد مونتو بالكرنك وقامت هذه المخازن ببتوريد الكميه المطلوبه لعمال دير المدينه كل شهر الي مركز المراقبه بالمقبره حيث تكال وتوزن قل توزيعها وفي كل شهر يتلقي العمال مره او مرتين او اربع اجورهم العينيه وادي عدم المساواه والعدل في توزيعها الي حدوث اضراب للعمال في العام 29 من رمسيس الثالث. وارسلت شكوي الي الوزير تو تشكو الحاله الاقتصاديه الحرجه التي سادت اثناء حكم رمسيس الثالث.

وقد قام الفنان المصري التعبير عن الاوضاع السياسيه من خلال الرسوم الساخره حيث صور علي جدران مقبره مير في مصر الوسطي ايعا هزيلا انهكه السعي ووراءه ثلاث بقرات سمان فالغرض من المنظر حسب راي عبد العزيز صالح في انه ابراز للتناقض بين شقاء الادمي الهزيل ورعايه الحيوان السمين.

هجوم الفئران على قلعه القطط

كما حفظ لنا منظر من متحق تورين لصوره هزليه لمعركه حربيه مثل فيه الحيوانات بدل الجنود البشر بشكل هزلى، يبدو الفئران مستخدمه فى هجومها عجله ربيه يجرها كلبان قويلن ومشهدا للفأر اعلاها يصوب سهامه اتجاه القطط الاعداء داخل القلعه.

يعكس المنظر ايضا تقدم مجموعه من المشاه متسلحين بالدروع والرماح بإتجاه القلعه بينما يقوم بعض منهم برفع السلم تمهيدا لاقتحام القلعه وتقوم مجموعه اخرى بتحطيم سور القلعه وتبدو القطط اعلاه رافعه الرايات للاستسلام والاسلحه للاصرار على الدفاع.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-