هل لك ان تتخيل ان هناك علاقة تربط سعف النخيل في اللغة المصرية القديمة مع حد الزعف او أحد الشعانين.. وقبل ان نتناول الحديث عنه يجب ان ننوه بأنه كما يحب المسيحيون السيد المسيح والسيدة العذراء كشعور بديهي بسبب العقيدة.. هكذا يحبهما المسلمون لنفس السبب.. ففي القرآن الكريم نجد (إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ﴿٤٥ آل عمران﴾.
وهكذا أيضا نجد محبة خاصة من كل المصريين للنخل وجريده.. فعند المسيحين يذكرهم باستقبال الشعب للسيد المسيح بجريد النخيل (السعف) وقت دخوله أورشليم.. وعند المسلمين يتذكرون الآية القرآنية (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا).. إذن الحب جاء هنا نتيجة التضافر العقيدي.
بينما هناك حب آخر لا علاقة له بالعقيدة بقدر ما له علاقة بصداقات الطفولة والتربية وزمن التسامح، حيث يحمل المسيحي فانوسا في رمضان ليبتهج مع أصدقائه المصريين، ويحمل المسلم سعفه في يده أو يعلق صورة للسيدة العذراء في بيته بكل بساطة.
ماذا يعني حد الزعف؟
يعد حد الزعف أو (أحد الشعانين) هو احتفالية ذكرى دخول السيد المسيح أورشليم، كما سمي بأحد السعف نسبة إلى أهالي أورشليم الذين (استقبلوا السيد المسيح بالسعف) والزيتون المزين.. فارشين الثياب وأغصان الأشجار والنخل على الأرض.. لذلك يتميز ذلك اليوم باستخدام السعف والزينة فى الكنائس والبيوت المصرية. هكذا الأعياد في مصر حاجة تانية يحتفل بها كل المصريون.
وتفنن المصريون – خصوصاً في صعيد مصر – بتزين سعف النخيل وعمل الأشكال المختلفة منه، مثل الخواتم والأساور والصلبان، وجراب القربان، والسعفة المضفرة المطعمة بالورود المختلفة حتى تصير الشوارع القريبة للكنائس مملوءة بالبهجة المصرية الأصيلة من المسلمين والمسيحيين الذين يحملون السعف في أياديهم.
سعف النخيل في اللغة المصرية القديمة
الآن سنحاول التعرف على الأصل البعيد لكلمة (سعف) أو (زعف)، فتعال معي:
هناك عدة اسماء لجريد النخل في اللغة المصرية القديمة، والتي من بينها ما يقترب من الصوت (سعف).. ولأن السعفة هي ورقة نبات فأغلب الظن ان الاسم قد جاء منها.
![]() |
جرج |
فمثلاً كلمة “جرج” بمعني ورقة نبات، وقد تتبادل فيها حرف (الجيم المعطشة بحرف الدال).. فتصبح “جرد” ثم “جريدة”.
![]() |
سابت |
وبنفس المنطق نجد كلمة “سابت” بمعني “ورقة لوتس” وبتحول حرف الألف الي حرف العين تصبح (سعبة) ثم (سعفة).. فظني اننا يجب ان نقول (سعف النخيل) بمعني (ورق النخيل) وهكذا جريدة النخل بمعني ورقتها.