الجديد

معموله عمل وجذور الاعتقاد الشعبي في اللغة المصرية القديمة

من جذور الاعتقادات الشعبية القديمة جملة معموله عمل أو الظاهر معمولي عمل ونحن في هذه الدراسة سنتناول جذور هذا الاعتقاد وأصل الجملة في اللغة المصرية القديمة.

معموله عمل وجذور الاعتقاد الشعبي في اللغة المصرية القديمة

هكذا نسمع من تحاكي جارتها (يا اختي من يوم ما عرفها وهو ما بيهوبش هنا ولا بيعتب باب البيت، تقوليش ساحراله أو عاملاله عمل!!)، وقد نسمع الكثير والكثير من العبارات التي تتحدث عن العمل حتى صار شماعة كل فاشل.

ما أصل كلمة عمل؟

في العقل الجمعي الشعبي يفهم أن العمل هو (السحر أو التعويذة)، والشعب المصري من أشد المؤمنين بالأعمال نظرا لجذور الموضوع الضاربة في القدم.

ودائما ما نفهم أن (العمل) هو تعويذة ذات غرض شرير، بينما (الحجاب) فيكون عادة لدرء الخطر، حيث أن الكلمة من الفعل (حَجَبَ) فيكون الحجاب هو من (يحجب الأذى)، ويجمع على (أحجبة).. وهناك ارتباط شرطي عجيب عندي، فما أن أسمع كلمة (حجاب) الا وأتذكر أغنية (سحب رمشه) التى تألق فيها محمد قنديل بصوته البديع، حيث أتذكر البيت القائل (نسيت أعمل لقلبي حجاب، وقلبي داب)، وأراه من الجيد أن نتذكر معا تلك الكلمات المليئة بالخيال للشاعر عبد الفتاح مصطفى، حيث تقول:

سحب رمشه ورد الباب كحيل الاهداب..

نسيت اعمل لقلبي حجاب وقلبي داب..

رموشه تميل على خده جناح رفرف على ورده..

ولو طلب القمر وده أمل كداب..

نسيت اعمل لقلبي حجاب وقلبي داب..

ولم أر مبالغة في أغنية مثلما رأيت في هذه الأغنية، فيكفينا البداية الصادمة (سحب رمشه ورد الباب)، فقد صور الشاعر أن المحبوبة لجمالها الفائق، كانت (رموشها) بالطول الذي جعلها تخرج من الباب (فسحبت الرمش وأغلقت الباب)… وبالطبع قلبه لا يحتمل هذا الجمال، فيندم أنه لم يصنع (حجابا لقلبه) ليتحمل مثل هذه المواقف، بدلا من أن (يذوب من العشق).

والعجيب أن هذا اللحن البديع جدا لملحن عبقري، ولكنه مظلوم للغاية، هو عبد العظيم عبد الحق، ربما تعرف وجهه كممثل كومبارس لكنك لن تتصور أبدا أنه هذا الملحن العملاق الذي لحن (تحت الشجر يا وهيبة) لمحمد رشدي، و(رايداك والنبي رايداك) لليلى مراد، و(في قلبي غرام) لعبد المطلب، وغيرهم.

الحجاب في مصر القديمة

الحجاب بالطبع أصله مصري، فليست كل التمائم كان يتم ارتدائها، بل هناك من كانت تكتب على ورق البردي وهي (الحجاب) وتدعى “مچات” وتعني حرفيا (مكتوب).

بينما هناك أشكال عديدة من التمائم التي تصنع من مواد مختلفة، مثل:

  • “وچا” وهي تميمة (عين حورس).
  • و”تيت” وهي تميمة (دم ايزيس) أو (حزام ايزيس).
  • “دمچت” أو “دمات” وهي (تميمة النسر).
  • “چرت” (تميمة الكف) ويستخدمها البعض للأن بوضعها على جبهة الطفل مصحوبة بخرزة زرقاء.
  • “حات” (تميمة الأسد).
  • وتميمة “مكت حعو” وهي (حامية الجسد).

وهكذا تميمة التمساح، الكوبرا، الثور، الصقر، الشعرى اليمانية، الجعران،… الخ.. وكانت تصنع التمائم من الذهب وبعض المعادن أو الأحجار النفيسة أو شبه النفيسة.. كما صنعت أحيانا من الزجاج.

وكان لكل تميمة هدف محدد من ارتدائها، نذكر منها بعض الأمثلة التالية:

تميمة الجعران.. تضمن البعث الجديد وتجديد الشباب، وتساهم في وضع السرور بالقلب، ولا سيما لو كانت من الحجر الأخضر.

تميمة عمود الچد.. تضمن الديمومة والقوة.

وتميمة دم إيزيس.. تستخدم في جلب الحبيب، وحل المشاكل العاطفية.

تميمة حتحور “المنيت”.. تضمن لحاملها عدة أشياء مثل قوة التحمل، السكينة، الخصوبة للمرأة وتسهيل الولادة والرضاعة.

اصل جملة معموله عمل

نعود أدراجنا، فما أصل كلمة (عمل)؟ هل هي كلمة عربية؟.. تعال معي لنرى الأصل البعيد لكلمة (عمل)، وكيف أن (تميمة) نفسها كلمة مصرية قديمة:

حمت-ر
حمت-ر

تبدأ القصة من الكلمة (حمت-ر) وتعني (تعويذة) في اللغة المصرية القديمة، وهي مركبة من كلمة (حمت) بمعني (مهارة او حرفة)، ومن (ر) بمعني (فم) فيكون المعني (حرفة الفم).. وبإزالة تاء التأنيث تصبح الكلمة (حم-ر) ثم (حمل) ثم (عمل).. اي ان كلمة (عمل) هي كلمة مصرية قديمة (تعويذة).

وهناك نطق اخر للكلمة هو (حموت -ر).. ثم صار بالميتاتيز (حمورت) ثم (حمولت) ثم (أمولت) ومنها كلمة Amulet الاوروبية بمعني (تميمة).

تممت
تممت

وما يدهشك حقاً ان الكلمة المصرية القديمة (تممت) تعني (شعيرة التمائم)، التي تعطي التميمة قوتها وتأثيرها.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-