يعد الملك تحتمس الثالث أول منشئ للامبراطورية المصرية وهو واحد من أهم وأعظم الملوك الذين حكموا مصر. وهو سادس ملوك الأسرة الثامنة عشرة. وإبن الملك تحتمس الثاني وكانت والدته زوجة ثانوية “أي غير ملكية” وتدعي إيزيس.
الملك تحتمس الثالث
تولي تحتمس الثالث الحكم بعد وفاة والده تحت وصاية حتشبسوت لأنه كان صبياً لم يبلغ الحلم بعد. وبعد فترة أبعدته حتشبسوت عن الحكم وتولت هي حكم البلاد. وبعد موتها تولي الملك تحتمس الثالث حكم البلاد ولم يعترف بحكم الملكة حتشبسوت بل وقام بتشويه كل ما قامت به من منشأت.
الاعمال السياسية والعسكرية
كان الملك تحتمس الثالث هو أول من أستكشف ساحة المعركة قبل القتال. وأول من نظم الجيوش وقسمها لقلب وجناحين. كما إنه أول من وضع خطة الحرب الخاطفة “المفاجئة”. وكان يحارب بألاف الجنود فكان العدو يفزع ويخاف من قوته وذكائه وقوة حجم جيوشه.
كما إنه عمل علي إخضاع نفوس الأمراء ورؤساء القبائل فأنشأ روابط أجتماعية وثقافية. وطلب منهم أرسال أبنائهم ليمارسوا الحياة المصرية في القصور الملكية في “قلعة في طيبة” لينشأوا ويتربوا علي الحب والولاء لمصر. فيضمن اخلاصهم في خدمة مصر والحقيقة أن هذة الخطوة كانت خطة ذكاء من الملك تحتمس الثالث أفضل من أي سلاح.
حملات الملك تحتمس الثالث
تولى الملك تحتمس الثالث حكم البلاد في وقت كانت الشعوب الخاضعة لمصر تنوي التمرد على الحكم المصري. فخرج على رأس الجيش لإخماد الثورة في العام الاول من حكمه، فخرج من منطقة القنطرة حالياً حتى وصل الى غزة حيث قطع 160 ميلا. وواصل الطريق الى يحم حيث بلغ 90 ميلا ووصل الى سفح جبل الكرمل. وباغت تحتمس الثالث العدو الاسيوي وهو مرابط حول مجدو وجناحه الايمن فوق تل في الجنوب الغربي وجناحه الايسر حول شمالها الغربي، ثم واصل الهجوم حتى رجع العدو وتحصن بالحصن.
وامر تحتمس بمحاصرة الحصن فأستسلم الجيش لنفاذ المؤن داخل الصحن ماعدا أمير قادش أستطاع الهروب. وكان عدد الغنائم كبيره جداً في هذه الحملة. واستطاع تحتمس بهذه الحملة إسترجاع شمال فلسطين وتدعيم النفوذ المصري في أسيا الغربية. وقبل أن يغادر أقام قلعة في لبنان لتذكير الأمراء بقوة مصر وسماها بأسمه وبصفته “منحبرع” وطارد البرابره.
وبالنسبة لقادش كان على تحتمس أن يقود حملات أخرى بلغت 17 حملة وذلك فيما بين العامين الثالث والعشرين والتاسع والعشرين من حكمه. فأستعرض قوته في الحملة الثانية وقام بجلب حيوانات ونباتات اسيوية في الحملة الثالثه وسجل اشكالها على جدران حجرات معبد الكرنك. واستعرض قوته في الحملة الرابعة.
وفي الحملة الخامسة استخدم القوات البحرية إلى جانب القوات البرية فأتجه نحو فينقيا فأستطاع السيطرة على الأسطول الكائن عند الشاطئ واتجه جنوباً إلى أرواد وأستولى عليها،
اما في الحملة السادسة ألتقى بأمير قادش وأستطاع أن يستقر بالأسطول عند إحدى الموانئ القريبة من قادش وقام بمحاصرة قادش وقد طال الحصار وإستطاع أن يوقع الهزيمه في نهاية الامر. وكانت الحملة السابعة لتأمين الأنتصارات السابقة.
وفي الحملة الثامنة كان يريد أن يصل إلى أبعد مما وصل إليه سلفه تحتمس الاول حيث وصل تحتمس الاول الى نهر الفرات ولكن تحتمس الثالث كان يريد أن يعبر النهر ويصل الى بلاد ميتاني نفسها وبالفعل أنتصر عليها وهكذا وصلت مصر إلى قمة النصر الحربي في أسيا.
وفي الحملة التاسعة كان بيستعرض قوة مصر لتوطيد أركان نفوذه، وفي الحملة العاشرة قام بتأديب بعض الأمراء الذين فكروا في الخروج على طاعته، وفي باقي الحملات كان يخرج بين الحين والأخر لتأديب كل من فكر في الخروج عن الحكم المصري، وهكذا أدرك الشرق أن معاداة مصر ليست امراً يسيراً.
العمارة
شهد عهد الملك تحتمس الثالث نهضة معمارية كبيرة ففي الكرنك شيد الصرح السادس علي المحور الغربي الشرقي للمعبد. كما شيد الصرحان السابع والثامن عند المحور الشمالي الجنوبي للمعبد. وفي القاعة الوسطي للمعبد سجلت نصوص تحتمس الثالث علي الحائط الشمالي من عام 29 وحتي عام 38 من حكمه والتي توجد قطعة مهمه منها في متحف اللوڤر. وفي الحجرة الواقعة جنوب قدس أقداس الكرنك سجل عام حكمه الثاني والأربعين.
وفي مدينة “هابو” أستكمل بناء المعبد الذي بدأه تحتمس الأول. كما أنه قام بتشيد وترميم الكثير من المعابد في مختلف أماكن مصر فأقام مقصورة في “الفنتين” وأخري في “الكاب”. وأقام معبد في “قفط” وآخر في “أون”. وأقام معبد لمونتو جنوب طيبة في هرمونتيس كما إنه أقام معبداً ليكون مقر لقلب “أمون” ، وأقام العديد من المعابد في النوبة في (عمدا وبوهن وسمنة). وقدم الكثير من القرابين لأوزير في أبيدوس، كل هذه العمارة وأكثر تنضم لها مقبرته في وادي الملوك.
وفاة الملك تحتمس الثالث
توفي تحتمس الثالث بعد إن جلس علي عرش مصر لمدة 54 عاماً وقد أكد لنا ذلك قائده الأمين “أمنمحات” في تاريخ حياته مدوناً علي جدران قبره: “لقد أتم الملك حياته الحافلة بالسنين شجاعة وسلطان ونصر من السنة الأولي إلي السنة الرابعة والخمسين”، وقد دفن الملك تحتمس الثالث في مقبرته التي جهزها لنفسه في وادي الملوك ولكن موميائه نقلت إلي خبيئة الدير البحري.
المصادر
- عبد الحليم نور الدين: تاريخ وحضارة مصر القديمة، الجزء الأول منذ بداية الأسرات وحتي نهاية الدولة الحديثة.
- علاء الدين عبد العزيز: تاريخ مصر القديم ومواقعها الأثرية.
- محمد عبد الرحيم السيد: معالم تاريخ وحضارة مصر الفرعونية.
- سليم حسن: عهد الهكسوس وتأسيس الامبراطورية، الجزء الرابع.
- فايزة صقر: تاريخ مصر القديمة.
- أحمد أمين سليم، سوزان عباس عبد اللطيف: مصر في عصر الدولة الحديثة، دراسات في تاريخ وحضارة مصر والشرق الأدني القديم “٤”.
اعداد واشراف
- حسام مصطفي مسعود.
- أحمد إبراهيم السيد.
- مصطفي عبد الواحد محمد.
- اشراف: نجلاء السيد محمد.