الجديد

دير سانت كاترين فى مصر دراسة بحثية كاملة بالصور

دير سانت كاترين قبل أن نبدأ الحديث عنه لابد أن نأخذ ولو لمحة عامة عن سيناء وتاريخها وكيف كانت ولا تزال فى قلوب المصريين قديماً وحديثاً والكتب السماوية ففي الآية القرآنية (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ….).

دير سانت كاترين فى مصر دراسة بحثية كاملة بالصور

هذه الآية القرآنية من الدلائل القاطعة على أن أرض سيناء أرض مقدسة طاهرة كما تشير الآية فالتين والزيتون هنا إشارة إلى فلسطين وبلاد الشام وطور سنين وهو جبل الطور فى سيناء وهذا البلد الأمين هو مكة المكرمة، من هنا فأن سيناء أرض طاهرة ذكرت فى جميع الكتب السماوية التوراة والإنجيل والفرقان بأنها أرض طاهرة مباركة منها عبر سيدنا إبراهيم وزوجته سارة إلى مصر ومنها عبر يوسف الصديق ومن بعدة يعقوب عليهما السلام إلى ارض مصر، ومنها عبر موسى عليه السلام هاربا بدينه وببنى إسرائيل من جبروت فرعون وطغيانه، وفيها ناجي موسى ربه ونزلت عليه الألواح، ومنها عبرة العائلة المقدسة القديسة مريم والابن يسوع إلى مصر هربا من الرومان، وغيرة من الأنبياء والصالحين الذين مروا بتلك الأرض المقدسة.

هذا إلى جانب دورها الهام في الاقتصاد المصري فهي جبال الفيروز ومناجم المعادن الهامة التي يعتمد عليها الاقتصاد المصري فى الصناعة، وأيضا فهى محاجر هامة للجرانيت الذى يستخدم فى بناء المقابر والمعابد ويصنع منه التماثيل للملوك والمعبودات المصرية، إلى جانب الدور السياسي الذي كانت تلعبه سيناء، فهى بوابة مصر الشرقية دائمة الخطر على المملكة المصرية القديمة من الأشوريين والبابليين والفينيقيين قديماً، فكم من حروب قامت على تلك الأرض من قديم الأزل حتى نصر أكتوبر المجيد، لذلك ترتبط سيناء بعلاقة خاصة مع المصريين منذ فجر التاريخ، فهى قطعة غالية من أرض مصر.

وسوف نسرد جزءاً صغيراً جداً من تلك الأرض الغالية فى ذلك البحث وهو دير سانت كاترين أو القديسة كاترين

لمحة تاريخية عن سيناء

عرفت سيناء فى التوراة باسم (حوريب) اى الخراب، وفى اللغة المصرية باسم (توشريت) أي أرض الجدب والعراء، ويقال ان اسم سيناء جاء من المعبود (سين) معبود القمر عند البابليين .

وأيضا لثرائها بالمناجم فقد أطلق عليها القدماء المصريين كلمة (بيا) بمعنى المناجم، وفى عصر الدولة الحديثة يشار إلي سيناء باسم (خاست مفكات) وأحيانا (دومفكات) أي جبل الفيروز، أما كلمة طور التى ذكرت فى القرآن (طور سينين) هى كلمة آرمية تعنى القمر.

تعانق قبة الكنيسة مع مئذنة الجامع فى سماء الأرض المقدسة سيناء
تعانق قبة الكنيسة مع مئذنة الجامع فى سماء الأرض المقدسة سيناء

مؤسس دير سانت كاترين ومشيده

المعروف أن دير سانت كاترين أقامته الملكة هيلانه أم الملك قسطنطين للقديسة كاترين والتى قطعت أربا من أجل عقيدتها من قبل الرومان فقامت الملكة هيلانة بعمل هذا الدير تكريما لهذه القديسة، والمعروف أن الملكة هيلانة أقامة العديد من الكنائس والأديرة على سبيل المثال كنيسة القيامة وكنيسة دير السيدة العذراء بسمالوط وأسيوط وغيرة، وأيضا هي من بحثت عن الصليب المقدس وأخرجته بعد أكثر من 300سنه من موت السيد المسيح وهو شئ مهم فى العقيدة المسيحية.

تاريخ بناء دير سانت كاترين

لم يعرف التاريخ الحقيقى بناء هذا الدير، فبعض الروايات تذكر لنا – كما أشرنا سابقا – أن الذي أمر ببناء الدير هى الملكة “هيلانة” فى عام 342 من ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

إلا أن تخطيط هذا الدير لم يصل لنا منه شئ، ولكن ما وصلنا ما قام به الإمبراطور جوستنيان، الذى أمر ببناء هذا الدير عام 548م، على سفح جبل موسى كليم الله عليه السلام، وذلك لحماية الرهبان من غارات البدو المتكررة، وقد عرفت بكنيسة التجلي. والدليل على ذلك هى اللوحة الموجودة أعلى الباب، وقد بني الإمبراطور جوستنيان هذه الكنيسة لزوجته، إخلاصاً منه لحبهاً وتكريمهاً.

موقع دير سانت كاترين

يقع الدير في منطقة مميزة جدا حيث انه يقع أسفل جبل موسى كليم الله (جبل سيناء) وهى منطقة تتميز بتضاريسها الخطيرة ومناخها المعتدل صيفاً شديد البرودة شتاءاً وكأنها جزء من أوربا بسبب كثرة تساقط الثلوج عليها فى فصل الشتاء، ويتميز الدير بأن المياه العذبة موجودة فى الآبار وأيضا مياه الأودية ومياه الأمطار، ومن الناحية الغربية من دير سانت كاترين يوجد وادي للراحة.

دير سانت كاترين فى الشتاء
دير سانت كاترين فى الشتاء

وصف دير سانت كاترين المعماري

يتكون دير سانت كاترين من بناء سميك جدا يشبه الحصون ، حيث أن جدران السور الذى يحيط بالدير من أسفل من الجرانيت والتى يرجع تاريخها إلى عهد الإمبراطور جوستنيان، والذي أمر ببناءة لحماية الرهبان من غارت البدو عليهم، ويقدر ارتفاع السور من 15:12 م، ويتميز بأن أضلاعه غير منتظمة وذلك بسبب طبيعة الجبل حيث تبلغ أضلاع السور 117×80×77×66 متر، وهو أشبة بالحصن المنيع، حيث نجد فية السقاطات والأبراج للمراقبة وفتحات النبال المغزلية الشكل.

صورة توضح السور من الخارج
صورة توضح السور من الخارج

والمدخل الأصلي لذلك الدير كان يوجد فى الناحية الشمالية، ولكنه سد الآن، وخلاف ذلك كان يوجد له مدخلان آخران أحدهما فى الناحية الشرقية وقد سد فى عام 1727م، وفتح على مقربة منه باب آخر، نرى فى هذا الباب الكشك الخشبى البارز من الحائط والذى يتدل منه حبل كان يستخدم لوقت قريب لصعود الزائرين للدير، وكان يستخدمون لرفع الزائرين جهاز أشبة بالعصارة يقوم كهنة الدير وخدمه بتشغيله.

وصف الكنيسة

يوجد عند باب الكنيسة درج سلم إلى الباب، والذى يرجع تاريخه إلى القرن الحادى عشر الميلادى، ويوصل الباب إلى ردهة مستطيلة وبها باب خشبى آخر يرجع إلى أيام بناء الكنيسة، وعلى الباب زخارف حيوانية ونباتية. وتنقسم الكنيسة من الداخل إلى رواق أوسط عريض يحيط به رواقين جانبيين، يفصلهم عن الرواق الأوسط أعمدة من الجرانيت تقدر بـ 12 عمود، وقد كسى الرهبان هذه الأعمدة بطبقة من الجس قاموا بالزخرفة عليها وتلوينها، إلا أنهم تركوا التيجان كما هى.

ويتصدر الكنيسة حنيه مستديرة زين سقفها وجوانبها بالفسيفساء، وتمثل مناظر بعض كتاب العهد القديم والجديد، وهناك أكثر من قصة لسيدنا موسى “عليه السلام” وصور للقديسين والأنبياء، ولكن المنظر الرئيسى نرى السيد المسيح “عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام” قد رسم فى الوسط وعن يمينه السيدة العذراء مريم البتول وعلى يساره موسى، ونرى بطرس القي على الأرض عند قدمه وبطرس وسمعان راكعين على الجانب.

أيقونة المسيح
أيقونة المسيح

وعلى الجدار الأعلى نرى موسى (عليه السلام) على اليمين وهو يتلقى الشرائع السماوية فى الألواح، وعلى اليسار وهو راكع أمام الشجرة المباركة، وقد امتدت من فوقها لهيباً، ونرى أن الرواق الأوسط مغطى بسقف جمالوني من الخشب، وهو أكثر ارتفاعاً من الزاويتين الجانبيتين، بينما الروقان الآخران ذا سطح مستوى من الخشب، وقد كانت هذه الأروقة مغطاة بصفائح من الرصاص وبعضها لا يزال موجود إلى الآن، ونرى أن الرواق الأوسط ينتهي بالمدبح أو قدس الأقداس.

العذراء مريم بين قديسين
العذراء مريم بين قديسين

أما الرواقان الجانبيان فاحدهما ينتهى بغرفة العشاء الرباني والآخرة استخدمت كأرشيف ولجمع الهدايا التى تقدم للكنيسة على شكل نذور أو هبات وعطايا.

كنيسة العليقة الملتهبة

يقع خلف المدبح كنيسة العليقة، حيث يلتصق جدرانها بالجهة الشرقية للكنيسة الكبرى، وتبلغ مساحتها 6 متر، غطيت جدرانها بالفسيفساء المزخرف، ويعتقد أنها بنيت فى المكان الذى كلم الله فيه موسى عليه السلام.

المسجد

يرجع هذا الجامع إلى العصر الفاطمى، حيث أمر ببناءه الأمر بأحكام الله عام 1106 ميلاديا تنفيذا لوصية الوزير إلى جانب حماية الدير من الهجمات التى كان يتعرض لها من حين لأخر، وقد دلنا على هذا النقوش الموجودة على منبر الجامع.

وتبلغ مساحة الجامع 7×11م وارتفاعه 6 م، ويحمل السقف عمودان ترتكز عليهما عقود نصف دائرية، ويوجد بالمسجد ثلاث محاريب الأوسط منهما هو الرئيسي، وقد شيدت حوائط هذا المسجد من الجرانيت، والملون المستخدمة فى بناء الجرانيت وتثبيته هى مادة الطفل، وقد رصفت أرضية المسجد بالبلاط الفاخر، وأسفل ذلك المسجد توجد المعصرة، وهذا المسجد من المساجد المعلقة.

أما عن المئذنة فهي في أعلى المسجد من الناحية الشرقية، تتكون من طابقين مربعين، الأول منهما عرضة ثلاث أمتار فى ارتفاع ثلاثة أمتار ونصف، وتنتهي بشرفه تبرز 50 سم عن الحائط الذي يصل سمكة إلى 75 سم، أما الدور الثانى فهو مربع الشكل طول ضلعه متران ونصف وسمك الحائط 50 سم. هذا كله بالإضافة إلى قلايات الرهبان ومعصرة الزيتون وطاحونتان ومخازن حبوب وأطعمة وآبار لمياه الشرب إلى جانب المكتبة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-