الجديد

شاهد قبر علي بندق بمحلة روح فى محافظة الغربية

في ظل نظام الدولة العثمانية منذ دخول العثمانيون مصر سنة 1517م بعد هزيمة طومان باي في موقعة الريدانيه عاشت القرية المصرية فترات سيئة لم يحقق فيها هذا النظام آمال المجتمع المصري فانتشر الجهل والفقر وأنتهج بعض الناس طريق البعد عن ما تبقي من لذات الحياة.

شاهد قبر علي بندق بمحلة روح فى محافظة الغربية

فقد أذهب الفقر نفوسهم إلي تقواها وقامت حياتهم علي أساس التقشف وارتداء الصوف الخشن فقط أو المرقع منه وعرف هؤلاء باسم المتصوفة وقد أطلقوا علي أنفسهم أسم الفقراء لأنه كان شعار الصالحين وكان لكل واحد من هؤلاء شيخه الذي يرتبط به وبطريقته الصوفية.

من هو علي بندق

في ظل هذه الظروف كان يعيش فلاح مصري و هو علي الشناوي الشهير بعلي بندق شيخ مشايخ الطريقة الأحمديه في عصره وأحد أحفاد الشيخ محمد الشناوي مؤسس الطريقة الصوفية المعروفة باسم الشناويه الأحمديه وهي أحد بيوت الطريقة الأحمديه والتي أسسها الشيخ السيد البدوي بطنطا محافظة الغربية و قبره بها عامر ويزار حتى الآن.

أما علي بندق كما يقول الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم و الأخبار هو (علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القدوس بن القطب الصوفي محمد بن أحمد بن عمر الشناوي الأحمدي).

وكان إماما صوفيا معمرا أي عاش كثيرا وعرف ببندق وأخذ عن عميه محمد العالم وعلى المصري وهما عن عمهما محمد بن عبد القدوس الشهير بالدماطي وكان علي بندق شيخ مشايخ الأحمديه في عصره وانتهت إليه الرياسة في زمنه وعاش حتى جاوز المائة عام بكامل حواسه.

ويقول الجبرتي كانت له خلوه في سطح منزله بها كوة (فتحه) مستقبلة طنتدا (طنطا) بين يديها فضاء واسع يري منها آثار طنتدا وظل طوال حياته مستقبل تلك الكوة حتى توفي في أوائل جمادي الأولي سنة 1186 هـ واجتمع بمشهده غالب أهل البلاد من المشايخ والأعيان و العلماء ودفن عند أسلافه بمحلة روح.

محلة روح

أما محلة روح فهي أحد قري مركز طنطا محافظة الغربية يرجع بداية إنشائها إلى الفتح العربي لمصر وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة الإرشاد  كتاب التحفه السنية أنها من أعمال الغربية مساحتها 991 فدان بها رزق 28 فدان وعمرتها كانت 6000 دينار سنة 764 هـ، 1363 م.

وقد اختارها محمد علي باشا الكبير سنة (1253 هـ ، 1837 م) لأن يجعل بها مراحات (حظائر) للأغنام التي جلبها من بلاد أوربا و المعروفة باسم الميرنوس وهذا النوع يحتاج لجو نقي ومياه صافيه.

وفي عام 1859 م أنشئ بمحلة روح خط سكك حديد بين طنطا ومحلة روح ومحلة روح وسمنود في عهد الخديوي عباس والخديوي سعيد، أما في عهد الخديوي إسماعيل فتم إنشاء خط سكك حديد من محلة روح إلي دسوق سنة 1865 م.

وذكر علي باشا مبارك أنها قرية من مديرية الغربية مركز محلة منوف قبلي ناحية صفط شرقي ناحية دمشيت بها جامعان كلاهما بمنارة و جامع آخر لا يعرف أثره و بها محطة للسكك الحديدية و منزل مشيد لعمدتها و بها أشجار و جملة من السواقي ويتكسب أهلها من الزراعة.

وقد اختارها جد علي بندق محمد الشناوي مؤسس الطريقة الصوفية المعروفة باسم الشناويه أحد الطرق المنبثقة من الطريقة الأحمديه المنسوبة للسيد البدوي مكان يرتب فيه مجالس الذكر وكان شيخا جليلا توفي في ربيع الأول سنة 932 هـ ودفن بزاويته بمحلة روح وقبره بها ظاهر يزار.

شاهد قبر علي بندق

أما شاهد القبر فيرجع تاريخه إلي سنة (1186هـ، 1772م) مثبت في الجدار الفاصل بين ضريح محمد الشناوي وأضرحة أحفاده بالمسجد الكبير بقرية محلة روح، ويعتبر عام 1186هـ أحد الأعوام الشاهدة على كثرة المنازعات بين علي بك الكبير الذي أستقل عن الدولة العثمانية سنة 1769م ومحمد بك أبو الدهب أحد مماليك علي بك الكبير الذي أنقلب علي سيده بعد ما أغرته الدولة العثمانية بولاية مصر و هزم علي بك الكبير سنة (1773 م ، 1187 هـ).

والشاهد عباره عن لوحة حجريه مستطيلة الشكل أبعادها 178 سم x 33 سم محفور عليها بالحفر البارز أبيات من الشعر الصوفي نصه (طف بالرحاب وقل أتيتك زائرا أرجوا المواهب يا بن عم نبي فيد العناية والولاية أرخت هذا لمقام لقد يعلي رهي 1186).

وهذه الكتابات نفذت داخل إطار مستطيل به جامتان مستديرتان بالأولي عبارة (لا إله إلا الله) والثانية عبارة (محمد رسول الله) يحيط بالإطار المستطيل من الخارج شريط زخرفي نباتي قوامه زخارف الأرابيسك وهذه الزخارف تمت علي اللوحة بأسلوب الحفر البارز.

وزخارف الأرابيسك أسلوب ابتكره الفنان العربي المسلم منذ تأسيس مدينة سامراء سنة 221هـ حيث يمتاز باستخدام العناصر النباتية المحورة عن الطبيعة تحويرا كبيرا بحيث لا تستطيع معرفة بداية الزخارف من نهايتها أو حتى نوع الورقة النباتية وإن كان نسبتها إلي الفصيلة النباتية واضح.

أما جميع الكتابات بلا استثناء مكتوبة بالخط الثلث العثماني المعروف بالجلي وهو أحد أنواع خط الثلث وسمي بالجلي لأن هذا النوع من الكتابات يتميز بارتفاع واستقامة وكبر حجم حروفه ، وتنتهي اسطر أبيات الشعر بالحساب المعروف باسم حساب الجمل بعد عبارة (أرخت) ثم تنتهي أسطر الكتابة بالتاريخ الرقمي للعام الذي توفي فيه الشيخ علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القدوس بن القطب الصوفي محمد الشناوي الأحمدي (علي بندق) وهو سنة 1186هـ.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-