الجديد

المغالطات التقويمية فى التأريخ وخطأ التاريخ الميلادى

خطأ التاريخ الميلادى قبل ان نتناول البحث عنه ننوه بأن حدوث المغالطات التقويمية فى التأريخ لم يكن مقصودا من الحضارت القديمة بطبيعة الحال، بل كان ذلك ناتج من تقويمات الحضارات القديمة نفسها بدون الاشتراك فى وضع تقويم عام يتفق مع التاريخ البشرى ومن هنا حدثت المغالطات التأريخية والتى يعانى منها العلماء حتى يومنا هذا.

المغالطات التقويمية فى التأريخ وخطأ التاريخ الميلادى

فكل حضارة كان لها منظور شخصى من ناحية التقويم، ولتبسيط ذلك المفهوم نجد ان حضارات الشرق القديمة كان لكل منها تقويم خاص وظل الحال هكذا ولم تعرف البشرية تقويم عالمى مشترك الا منذ القرن 11 الميلادى فقط ثم تأثير ذلك التأريخ على مناطق الشرق حتى يومنا هذا. بخلاف ان كل حضارة قديمة كانت تكتب تاريخها الحولى فقط وبعضا من الاحداث التاريخية مع مناطق الجوار سواء سلما او حربا ولم تكتب اية حضارة مهما كانت تاريخ عالمى مقارن قط.

ويندهش الجميع الان اذا عرفوا بان التاريخ البشرى كتب لاول مرة منذ الانسان الاول وهو ادم عليه السلام حتى انتهاء عهده كان عن طريق المؤرخ المسلم الرحال (المسعودى) فى القرن العاشر الميلادى وليس قبل ذلك باى حال من الاحوال.

وهذه المغالطات لم نتخلص منها حتى يومنا هذا حيث لدينا التقويم الجوليانى الذى يعرف باسم التأريخ الميلادى الان، ولدينا ايضا التأريخ العبرى الخاص باليهود، وهناك التأريخ الهجرى الخاص بالمسلمين، وهناك التأريخ القبطى الخاص بمصر والكنيسة الارثوذوكسية، وهناك التأريخ الرومى الخاص بالكنيسة الكاثوليكية، وهناك التأريخ الصينى (التايلاندى)، وهناك التأريخ الهندى الخاص بارض الهند، وهناك تأريخ حضارة امريكا اللاتينية ولكنه لا يعمل به منذ القرن 16، وهناك التأريخ الفارسى.

ويتضح من كل هذا ان كل امة عملت تاريخ خاص بها ولم تتوحد فى التقويم او التأريخ المشترك منذ القديم وهذا مما لاشك فيه احدث المغالطات الكبرى فى التاريخ والتأريخ، والحيرة العلمية المتواجدة حتى الان بين هذا وذاك. ومن هنا وجب علينا دراسة جذور التأريخ وكيفية حدوث المغالطات التأريخية به منذ القديم من الزمان 

الجذور التأريخية الأولى حضارياً

ان الجذور الحقيقة الاولى لتقويم مكتوب وموثق هو الذى يعود الى الحضارة المصرية القديمة فى عهد الملك رمسيس الثانى. وان الذى قام به ومن معه من الكهنة هو ابنه الشهير الامير خع امواست والذى تعتبر اول مرمم اثرى فى التاريخ، وعرف هذا التقويم باسم تقويم (الاله تحوت). ولكن مما يؤخذ عليه بانه تقويم حوليات فقط ويخص الحضارة المصرية فقط بالرغم من ان مصر كان لها شأن كبير دوليا ويد كبرى حتى المنقطة الاشورية.

يقول بعض علماء التاريخ بان هناك تقويم اقدم من ذلك وهو (التقويم السومرى) ولكننا لا نجده كأثر فعلى وبذلك لا يمكننا الاعتماد عليه لانه غير مكتوب وموثق كما فى تقويم تحتوت. وهكذا حتى ظهور عهد التقويم المصرى لا نجد فيه غير انه تقويم مصرى خالص ولا مقارنة بينه وبين الاشورى مثلا.

التقويم العبرى (توت)

ظهر التقويم العبرى كثانى تقويم موثق تاريخيا وهو مأخوذ كاملا من تقويم الاله تحوت ولذلك اطلقوا عليه (تقويم توت). وكان ايضا تاريخ حوليات ونبؤات خاصة ببنى اسرائيل، ولم يكن تقويم تاريخى بالمعنى الشامل. ومن المعروف بانه بدأ العمل بهذا التقويم فى عهد مملكة اسرائيل فى زمن النبى داود عليه السلام.

التقويم اليونانى

ولقد عمل بهذا التوقيت فى ارض اليونان بعد ظهور حضارة الاسكندر الاكبر. ومن المعروف ايضا وبلا غرور حضارى بأنه ماخوذ كاملا من التقويم المصرى تحتوت. ولكن فى هذا العهد ظهر الى حد ما تقويم مقارن وهذا ما احدث اللخبطة التقويمية الاولى فى التاريخ.

وكان السبب الرئيسى فى ذلك ان ارض اليونان بدات تكتب عن احداث السنين والقرون السابقة والذى اخذ كاملا من تاريخ الفيلسوف والمؤرخ القديم (هومير) والذى يعود الى القرن 9 ق.م.

ثم اتت مرحلة اخرى عالميا عن طريق دولة روما وعملت تقويم تأريخى، ولكن فى هذا التطور حدث تغير مع احداث التأريخ مما احدث فجوة كبرى بين القديم والمعاصر،وتحديا من دولة روما لما كتبه اليونانيين من قبل. وهذا التحدى كان من شانه تزايد الاخطاء البشرية فى التقويم والتأريخ. وهذا ما سوف نتناوله ايضا فى اختصار شديد لنصل جميعا بسلام الى وضوح الرؤية الكاملة الى ان التأريخ مر بمغالطات كبرى ولابد من ترميمه وتصحيحه كذلك.

المؤرخ الرومى ترنتيوس فارو عام 46 ق.م

يعتبر اول مؤرخ فى التاريخ الرومى القديم كله، وظهرت شهرته الى الافاق لانه كان ملازما للقيصر (يوليوس قيصر) والذى دون له تاريخه الخاص ثم اصبح رئيسا لمكتبة روما. ولقد دون فى تاريخه الذى اظهره مع عصور الالهة الرومية فقط وليس قبل ذلك، ومما قاله فخرا وكذبا بأن التاريخ البشرى بدأ مع ظهور دولة روما.

وهنا نساله الان: ألم تكن تعلم عن تاريخ مصر واليونان ومناطق الشرق القديم؟؟ ثم ما دخل ذلك كله برغبة يوليوس قيصر فى كتابة تاريخ العالم وتعديل التقويم الرومى ليأخذ صفة العالمية ويخلد فيه اسمه. ولكن القيصر تشكك فى مقدرة مؤرخه فى عمل ذلك، ومن هنا رغب قيصر بالمساعدة المصرية الكاملة فى ذلك.

المؤرخ المصرى القديم سيسوجنيس عام 40 ق.م

وكان من المقربين للمكلة كليوباترا ومن علماء الفلك بالاسكندرية ويعتبر اخر مدير لمكتبة الاسكندرية قبل الحريق الشهير. ولقد انشأ فى مصر عدة مدارس للفلك والرياضيات. ولذلك طلبت منه الملكة كليوباترا فى عمل تقويم عالمى بناء على رغبة يوليوس قيصر مع وضع اسمه فى هذا التقويم تخليدا له.

وهكذا ظهر التقويم الجوليانى فى التاريخ ووضع اسم يوليوس قيصر به واصبح (شهر يوليو) وجعله 31 يوما كاطول شهر فى السنة لتخليد اسم يوليوس قيصر. وهكذا ظهر فى التاريخ اول تأريخ عالمى وعملت به الامبراطورية الرومية وكذلك فرض هذا التأريخ على مناطقها الخارجية وبطبيعة الحال مصر.ولكن ايضا هذا التأريخ حدث به التعديلات البسيطة فى عهد ابن اخته القيصر اغسطس وعمل شهر له وهو (شهر اغسطس) لتخليده كما فعل خاله القيصر من قبل.

الأديب الرومى ليفيوس 25 ق.م

لقد كتب رائعته الخالدة (أب اوربيكونديتا = لعبة التاريخ) وكتب فيه عن تاريخ العالم القديم من واقع كتب اليهود والخليقة الاولى ثم اتجه الى تدوين تاريخ الفرس واليونان ومصر.

ولكن فى هذا التأريخ عمل مغالطة تاريخية كبرى لانه نادى بتعظيم القيصر اغسطس ولابد من تدوينه فى التاريخ وفى التقويم الجوليانى وبذلك وضع القيصر اغسطس فى تقويمه وظهر شهر اغسطس بعدد 31 يوما وكما قى التقويم. وهذا التعديل الطفيف بجانب تاريخ اليهود من كتبهم القديمة اظهر عن دون قصد طبعا مغالطة كبرى فى التأريخ.

ثم حدث بعد ذلك ميلاد السيد المسيح عليه السلام وما شهده العالم من احداث تاريخية بعد هذا الميلاد العظيم ثم تدمير مملكة اسرائيل، والغت بذلك روما التقويم العبرى توت وتمسكت بشدة بالتاريخ الجوليانى.

القيصر الرومى تيودوسيوس عام 389م

من المعروف تاريخا انه انذاك اصدر مرسومه التاريخى بان المسيحية هى الدين الرسمى لروما ومناطقها. وادخل التعاليم المسيحة فى جميع المدارس والغى جميع الاديان الاخرى واعتبارها من الاساطير. واعلن بان التاريخ البشرى الحقيقى يبدأ مع الميلاد ولابد لمجمع روما الدينى ان يعدل ويصحح التأريخ. ومن الاخطاء الفظيعة له هو ذلك الاعلان القيصرى بأن الدين والتاريخ والتأريخ ما هى الا تعاليم تصدر من مجمع روما الدينى فقط وهو المجمع الوحيد الذى يحق له عمل كل ذلك.

الكنيسة القبطية عام 486م

فى ذلك العام ظهرت الكنيسة القبطية فى مصر على صفحات التاريخ، وكانت بطبيعة الحال مخالفة لتعاليم كنيسة روما وتأريخ كنيسة روما. وظهرت تلك الكنيسة فى منطقة مصر القديمة وعملت تقويمها الخاص هو التقويم القبطى الموجود لدينا حتى الان. ولكنه كان ايضا تاريخا وتأريخا حوليا بدأته مع ميلاد المسيح فقط ورسالة مرقص الرسول وليس قبل ذلك. ويعتبر هذا التقويم حتى يومنا هذا خاص بالكنيسة المصرية فقط.

الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه

ففى عهده تم عمل التقويم الاسلامى لاول مرة وبدأه منذ عهد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة المنورة، ولذلك عرف باسم (التقويم الهجرى). وكان ايضا تاريخ حوليات ولم يبدأه من الجوذر الاولى للانسان الاول على الارض. وبدأ هذا التقويم يدخل المناطق الاسلامية والعمل به ومازال ساريا حتى الان فى جميع الاقطار الاسلامية بدون إلغاء التاريخ الجوليانى.

كنيسة روما وتعديل التقويم الميلادى عام 911م

اقر معظم المؤرخين انه فى عام 911 كان هو بداية تاريخ العصر الوسيط وكما اقرته انذاك كنيسة روما، وانه قد مضى على الميلاد ما يقرب من الالف عام. وقامت بتعديل التقويم العالمى واطلقت عليه اسم (التقويم الميلادى) بدلا من اسم التقويم الجوليانى.

واعتبرت ان هذا التاريخ هو التأريخ الحق وهو التاريخ الوسيط منذ الميلاد واعتبرت بان ما قبل الميلاد فكلها اساطير ومشكوك فى الارقام التأريخية تماما. وبدأت تلك الافكار تدخل المناطق الاسلامية تحت مسمى التاريخ الميلادى، ومن هنا ظهر الرجل الذى غير ملامح التاريخ تماما الا وهو الرحالة العربى المسلم المسعودى وتلك الشخصية الكبيرة المجهولة فى التاريخ ولا يعلمه الا القليل من الدارسين فقط.

المؤرخ والرحالة المسلم المسعودى عام 990م

ان الرحالة المسعودى يعتبر المغير الاول لوجه التاريخ والتأريخ، وانه لم يصل الى هذا العلم الا بعد رحلاته التاريخية فى مناطق العالم انذاك،وهو نفسه الشخصية التى هوجمت كثيرا من كنيسة روما وكما سنعرف فى السطور القادمة.

فيعتبر المسعودى المؤرخ الاول فى العالم والتاريخ من يكتب تاريخ البشرية كاملا منذ الخليقة الاولى وهو ادم عليه السلام حتى عهده. وكان مرجعه الاول فى التأريخ هو القصص القرانى الكريم واعداد ارقام المذكورة فى القران الكريم. ولقد ذكر فى تاريخه بان ميلاد المسيح عليه السلام كان فى العام 3000 بعد الطوفان، وبعده بستة قرون كاملة كانت بعثة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ووصل تاريخه كاملا الى منطقة خلافة الاندلس ومنها الى فرنسا وبريطانيا ثم الى كنيسة روما. وهكذا سمع الاوربيون انذاك لاول مرة (الطبقة عالية الثقافة) احداث القرون الاولى وما هى باساطير على الاطلاق، وهذا يتعارض بطبيعة الحال مع تأريخ كنيسة روما وقامت بعمل مؤتمر كبير وقداس كبير لتكذيب كل ما كتبه المسعودى فى تاريخه، بل امرت المناطق بمصادرة اى كتابات تظهر له وخاصة فى سوق براج الكبير للكتب والذى زاره المسعودى اثناء تجواله وعمل مقارنات تاريخية هناك.

ومن المعروف بانه فى تاريخه اول من يذكر بان الاسكندر الاكبر هو نفسه ذو القرنين المذكور فى القرأن ونادى كذلك بالتوحيد وها ما اثار حنق وغضب كنيسة روما عليه. ومن ناحية اخرى تاريخية يعتبر ايضا المسعودى اول من يذكر بان فرعون موسى هو الملك رمسيس الثانى.

فهذا هو المسعودى صاحب الشخصية الغائبة الحاضرة فى التاريخ والتاريخ، ويا ليتنا نتعلم وننهل منه الكثير. وبظهور تاريخ المسعودى وخاصة فى موضوع التأريخ، ازداد الحقد الدفين من قبل كنيسة روما ضد العلوم الاسلامية ولابد من تكذيب المسعودى تماما، وافردت الدراسات حول ها الموضوع وخاصة التأريخ حتى قامت باصدار مرسومها التاريخى فى عام 1022م وهو التعديل الكبير للتقويم الميلادى.

تعديل التقويم الميلادى عام 1022م

لم يعرف صراحة حتى يومنا هذا فى الدراسات التاريخية لماذا قامت كنيسة روما بعمل مؤتمر كبير فى مجمع روما الدينى لتعديل التقويم والتأريخ مع انها عملت ذلك من قبل وكما عرفنا. وفى هذا التعديل الجديد اطلقت عليه اسم (تعديل القرن) واعتبرت لاول مرة بأن القرن يقدر بمائة عام لا اكثر ولا اقل.

وهذا ما اخذه المؤرخين فيما بعد ومنذ القرن 17 فى تأريخهم واعتبروا بأن القرن يقدر بمائة عام. وحتى وقتنا المعاصر لا ندرى بحقائق تاريخية موثقة لماذا قامت كنيسة روما بتعديل التقويم الميلادى، ولكن بدراسة متأنية فى التاريخ ودراسة تاريخ العالم يمكن استنتاج عدة حقائق هامة لايمكن التهرب منها مثل:-

تلك الصحوة اليهودية فى بلاد المغرب والكراهية الكاملة بطبيعة الحال لكنيسة روما، والنداء التاريخى لهم باخذ العالم بتأريخهم العبرى وهو تأريخ البشرية الحقيقى وان تاريخ كنيسة روما ما هو الا تأريخ مغلوط كاملا من اوله الى اخره.

الحرب الفعلية والثقافية بين كنيسة روما وسلالة هيرتزوج على صفحات التاريخ الاوروبى، ورغبة كنيسة روما بهذا التقويم بان سلالة هيرتزوج ماهم فى الاصل الا سلالة اسرائيل الذين نزحوا الى روما كعبيد بعد تدمير مملكتهم فى عام 70م. ولابد من تأليب اوروبا كلها على سلالة هيرتزوج الالمانية ومحاربتهم وابادتهم لكسر شوكتهم.

ظهور بعض النبوؤات القديمة التى تبشر بتدمير روما على يد المسلمين، وهذا ما دفع كنيسة روما بوضع قائمة بالاعداء الحقيقيين لها وعلى راس كل الاعداء المسلمين ثم سلالة هيرتزوج وخاصة الفرع الالمانى. وكان لابد من تعديل التقويم لاثبات كذب كل ذلك. 

وعل كل تلك الاسباب هى التى دفعت كنيسة روما بتعديل التقويم والهجوم الثقافى الضارى على الاسلام والذى لا مثيل له حتى فى وقتنا المعاصر بل والتعجيل بقيام احرب الصليبية والتى بدات فعلا فى عام 1088م.

العالم ابو محمد القاسم بن على (الحريرى) عام 1122م

وهو من مكة المكرمة واحد علامئها الكبار انذاك، وكان لقبه واعظ مكة الكبير. وكان احد مفسرى القرأن فى عهده وظهر بعلومه الاجتماعية والسياسية وكان احد المجاهدين بالعلم من اجل تحرير بيت المقدس من الصليبين.

وغزت تعاليمه المناطق الاسلامية كلها ماعدا منطقة مصر حيث الخلافة الفاطمية وعلاقاتها السرية مع كنيسة روما، ودخلت تعاليم الحريرى مناطق سيادة عائلة (أل زنكى) وترعرع فى كنف تلك التعاليم القائد المغوار صلاح الدين الايوبى محرر بيت المقدس فيما بعد.

وما يهمنا من الحريرى الان وبما يتمشى مع موضوعنا هو انه كتب لاول مرة تاريخ الحروب الاسلامية منذ اول غزوة لرسول الله ثم الحروب ضد بيزنطة والفرس، وان الاسلام لم ينتشر بحد السيف. وفند الاسانيد الكاملة لذلك، وأرخ تقويم اسلامى ومقارن مع تأريخ روما المغلوط وخاصة ذلك التأريخ الذى عملته كنيسة روما.

وفى حقيقة الامر ولكل مدقق تاريخى يجد ان هذه التعاليم والتقويم وصلت فعلا الى كنيسة روما والتى رغبت فى قتله لاكثر من مرة عن طريق احد عملائها الفاطميين، ولكن المحاولتين باؤا بالفشل الذريع.

وهكذا ظهر على صفحات التاريخ لاول مرة التاريخ الحقيقى الهجرى والاهم ان الاسلام لم ينتشر بحد السيف. ويا ليت العالم العربى والاسلامى ينشر هذه الامور للوعى الثقافى الاسلامى بجانب تاريخ وتأريخ المسعودى.

المؤرخ العظيم والفيلسوف ابن خلدون عام 1400م

وهو يعتبر ثانى شخصية اسلامية بعد المسعودى يكتب عن التاريخ البشرى منذ ادم عليه السلام وحتى وفاته فى عام 1406م. وكان سنده الرقمى فى هذا التاريخ ايات القران الكريم وقصص الانبياء من القرأن الكريم. ويعتبر كذلك اول مؤرخ تكتب عن جذور المناطق الافريقية الا من بعض الاخطاء الجغرافية فقط. ولكن يعتبر ابن خلدون من ناحية اخرى اول من يدخل الفلسفة والاجتماع فى علم التاريخ ولذلك اخذ اللقب الملاصق له حتى الان وهو (فيلسوف التاريخ).

ولقد كتب التاريخ كله فى سبعة اجزاء وفى عهده ايضا رغبت كنيسة روما فى قتله،وهو اول من يتنبأ بسقوط الاندلس وهذا ما اثار ضده غضب اهل الساسة فى الاندلس انذاك. وللاسف الشديد ان تعاليمه سرقت كاملا بعد سقوط الاندلس، وللاسف الشديد ايضا ان تعليمه لم يظهرها العرب حتى الان. مع ان هذه التعاليم تدرس حتى الان فى الكثير من جاماعن اسبانيا واوروبا. ويكفينا فخرا بأن اكبر مدرج فى جامعة السوربون بفرنسا يحمل اسم ابن خلدون حتى الان.

إنشاء مكتبة الفاتيكان الكبرى فى عام 1417م

وكانت فى عهد البابا (مارتن الخامس) وجعلها اكبر مكتبة فى العالم والتاريخ. وجعل بها قسم خاص لكتابة التاريخ منذ الجذور الاولى لكبح جماح التاريخ من واقع المنظور الاسلامى. وهكذا قامت كنيسة روما بكتابة التاريخ البشرى كاملا منذ الجذور الاولى بداية من عصور الالهة والاساطير وكما كان الوضع فى جميع الحضارات القديمة.

ولكن من الغريب التاريخى فى الامر هو كيف تقر كنيسة روما الان بعصور الالهة وهى التى كانت من قبل تعتبرها من الاساطير وليس تاريخ حقيقى موثق؟؟ وهذا السؤال يحيرنى حتى الان ولا اجد اجابة شافية له على الاطلاق.

ومن الغرائب الاخرى فى الامر انها اقرت بان كل ما كان قبل الميلاد ماهو الا اساطير الاولين فقط وهذا ليس بجديد فى فكرها، ولكن الجديد هاهنا هو انكارها تماما امر الفيضان العظيم؟؟ وهذا ايضا غير مفهوم على الاطلاق؟؟ وكان سندها الوحيد فى ذلك هو انكار الحضارة الفارسية القديمة بامر هذا الطوفان وكذلك الحضارة البابلية، ولكن لم تذكر اى حضارة بابلية كانت تقصد؟؟. وهكذا ظهر تاريخ رومى مخالف تماما لحقائق التاريخ والتأريخ وبدأت تدرس هذا التاريخ فى مدارس روما.

التقويم الجورجيانى عام 1517م

وهو التقويم الذى وضعته كنيسة روما لنفسها فى عام 1571. وهذا التقويم ينسب الى البابا انذاك وهو (جورج الثالث عشر) وهذا التقويم مازالت تعمل به كنيسة روما داخليا فقط. وفى الحقيقة التاريخية فان السبب والغرض من وراء ذلك التقويم مجهول تماما تاريخيا ولا ندرى ما كان الغرض منه؟؟. ولم تشرح كنيسة روما نفسها حتى اليوم ما الغرض من هذا التقويم.

ويمكننا استنتاج ذلك برأى خاص ناتج الاحداث الاوروبية انذاك ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى:-

  • ظهور بعض المثقفين الاوروبيين وحديثهم التأريخى حول ما كتبه الفيلسوف ابن خلدون وخاصة فى المنطقة الفرنسية والانجليزية والاسبانية بطبيعة الحال،والبعض منهم ينهر هذا التأريخ لانه يناقض تاريخ كنيسة روما.
  • ظهرت فى المنطقة الفرنسية نبؤات العالم الفلكى الاشهر (نوستراداموس) وكراهية بابا روما الشديد له والرغبة فى اعدامه حرقا، وفى يوم لتنفيذ فى القصر الفرسنى وجدوه متوفى وفاة طبيعية على سريره.
  • ولذلك قرر البابا جورج الثالث عشر من اعادة التقويم وتعديله من اوله الى اخره. ولكنه وجد المعارضة الشديدة من قساوسة المجمع العلمى ولما فيه من مجهود شاق بل الاسهل تكذيب كامل لما فى النبؤات ولما فى تقويم ابن خلدون.
  • وهنا تأزم الامر كاملا بين قساوسة روما وحتى لا يتفاقم الامر أقر القساوسة بعمل هذا لتعديل داخليا فقط فى المواضيع التى تخص نبؤات نوستراداموس وان تعمل به كنيسة روما فقط. مع حث المدارس الاوروبية فى تدريس التاريخ بتكذيب نبؤات نوستراداموس، وكذلك عدم الاخذ بل وتكذيب تقويم ابن خلدون تماما ولا صحة للتقويم الا ما فعلته كنيسة رومامنذ عام 1417 عند انشاء مكتبة الفاتيكان الكبرى.

التقويم فى عهدى الإمبراطورتين الفرنسية والانجليزية

عندما قامت كلا منهما فى العهد الامبراطورى الاستعمارى كان من ضمن اهدافهما تعديل وتسجيل التاريخ وخاصة فى مناطق السيادية فى الشرق الاصل الحضارى والتاريخى، ولذلك وضعوا اسس ثابتة ويعمل بها حتى الان مثل:-

  • ان القرن يقدر بمائة عام.
  • بداية التاريخ منذ الهجرات البشرية الاولى ولا اعتقاد بامر الطوفان،لان هذا الامر لم يذكر قط سوى فى كتاب اليهود وكتاب المسلمين.
  • ان التاريخ الميلادى هو التاريخ الحقيقى الموثق للبشرية وان القرن التاسع الميلادى هو القرن الوسيط وكما اقر من قبل.
  • البعد الكامل فى التاريخ والتأريخ عن المعلومات الاسلامية.

وهكذا بدأ من القرن الثامن عشر ظهور التاريخ البشرى باسلوب اوروبى كامل وبعيد كل البعد عن التاريخ الذى كتبته كنيسة روما وتقويمها.والتاثير الحضارى على مناطق الشرق وخاصة فى التاريخ لمحو الشخصية العربية والاسلامية وما الى اخره.

الظهور الإسرائيلى على الارض عام 1898م

وفى هذا التاريخ ظهرت انذاك فى اوروبا ضجة كبرى وخاصة لعقد مؤتمر صهيون الاول فى بازل بسويسرا. ولكن ما يهمنا ههنا ان تيودور هرتزلر نفسه اعلن فى مخططه واهدافه اعادة تصحيح التاريخ والتأريخ العالمى.

وفى هذه الامور مع احداث السنين ضاعت الشخصية العربية والاسلامية تماما، ولكن من ناحية اخرى ظهر على صفحات التاريخ الاوروبى مؤرخين وفلاسفة كارهين من الاصل لبنى اسرائيل ولمؤتمر صهيون نفسه. وعنادا فى الفكر اليهودى الحديث اظهر هؤلاء تاريخ الاسلام وعلوم الاسلام ومؤرخى الاسلام وخاصة بعد الحرب العالمية الاولى.

وهكذا بدأ العالم بعد كل تلك الازمنة التاريخية يسمع عن عظماء العلم فى الاسلام والتاريخ الاسلامى. وما فعل الغرب ذلك حبا فى الاسلام والمسلمين بل عنادا وكرها لبنى اسرائيل. ولكن كان التاثير الاسرائيلى على اشده والى الان وفى ذلك دراسات متخصصة فى الغرب فقط والمناطق الاسلامية عن كل هذا ببعيد. وهكذا دخل التاريخ والتـاريخ البشرى فى حقبة تحت اسم (التاريخ بين الواقع والخيال) وكان هذا هو المنهج الاوروبى والغزو الثقافى العالمى وايضا العرب والمسلمين عن كل هذا ببعيد.

وفى خضم كل ذلك ضاعت ايضا معالم كثيرة جدا فى التاريخ والتأريخ، ومن هنا حدثت المغالطات الكبرى بل وظهور التكنولوجيا ثم ظهور نظريات مثل الكربون المشع وما الى اخره، وهذا كله فى يد الغرب وامريكا فضاعت تماما المعالم التاريخية الحقيقية والتأريخية كذلك، وتاثير كل هذا على منطقة الشرق الاوسط. واصبح العالم كله بأردته او غير ارادته يسير فى موكب التاريخ والتأريخ الغربى، حتى فى هذا الموكب لم يجتمع العالم على تاريخ حقيقى للبشرية، وذلك لشيئين لا ثالث لهما وهم:-

  • الشىء الاول: ان هذا الغرب نفسه من الناحية الثقافية لم يعترف بالتاريخ العبرى او اى تاريخ له جذور يهودية، ولاننسى ان اليهود انفسهم كانوا عبيدا لاوروبا لاكثر من 19 قرنا من الزمان. وهكذا نشا الغرب منذ القديم على كراهية اليهود ودين اليهود وتأريخ اليهود.
  • الشىء الثانى: ان هذا الغرب نفسه نشأ ايضا على كراهية الاسلام واى علوم اسلامية ولقد استفحل الامر مداه منذ احداث الحروب الصليبية. وهجوم اعلامى ضارى ضد الاسلام وعلوم الاسلام حتى بدون دراسة الاسلام وعلوم الاسلام او حتى تفهم فحواه من ناحية التاريخ والتأريخ.

وهكذا ننهى هذا البحث المختصر والعودة مرة اخرى الى نقطة الصفر وهى لماذا لا يتفق العالم على تاريخ وتأريخ صحيح واقرب الى الواقع الحق؟ وكيف ما زرع فى قرون ان يمحى او يعدل فى سنين فهل من مجيب؟.

ومازلنا نعيش فى كنف الغرب كاملا من الناحية التاريخية والتأريخية وخاصة ان الغرب تسيد بلاد العالم شرقه وغربه وتاثيرهم الكبير على الفكر الانسانى بتاريخ مغلوط وبالاخص على دول العالم الاسلامى ودول منطقة الشرق الاوسط.

وهكذا حوروا التاريخ والتأريخ، واستنتجوا اشياء بعيدة تمام البعد عن الحقيقة. واقول لهؤلاء ايضا انتظروا الطامة الكبرى وستكون قريبا وليس بعيدا. وسيعرف العالم كله التأريخ الحق وان تأريخ الانسان لا يتعدى الالاف من السنين وليس الملايين. وسيخسر العالم كله ما جاناه فى القرون السابقة والله على ما اقول شهيد.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-