الجديد

المسجد الجامع الأموي (دراسة بحثية كاملة)

المسجد الجامع الأموي مسجد جمع بين القدسيه وجمال فن الرياده الأسلاميه، يضم المسجد موضع لأشرف رأسيين قطعا في تاريخ البشرية رأس يوحنا المعمدان عليه السلام والذي امر الملك هيرودوس بقطعة وتقديمه كهديه لأبنة زوجته هيروديا اذ قدم لها الرأس على طبق من ذهب ولم يبق من هذا الآثر الا الحنيه التي كان قد دفن فيها الرأس وكتابه باليونانيه تمجد السيد المسيح عليه السلام.

المسجد الجامع الأموي (دراسة بحثية كاملة)

ويضم موضع رأس الحسين ابن علي ابن ابي طالب عليهما السلام ابن فاطمة الزهراء ابنة الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي نقل اليه محمولا على اسنة الرماح بعد واقعة الطف في كربلاء حيث حمل الى يزيد ابن معاويه الخليفه الاموي مع السبايا من حرم رسول الله (ص) واخذ اليه الامام علي أبن الحسين (ع) اسيرا ومن هنا جاءت قدسية الجامع لجميع الأديان.

يحتوي المسجد على اقدم المنائر التي بنيت من عصور قديمه ثم استعملها المسلمون كمأذنه لاقامة الصلاة ومنها انتشرت المآذن ذات القواعد المربعه والتي تعرف بالطراز الشامي حيث كانت تستخدم في سابق كصوامع للتامل والصلاه والانقطاع للعبادة من قبل المسيح وقد بقي منها شاخصا الى الآن المأذنة الشمالية.

موقع وتاريخ المسجد الجامع الأموي

اما عن موقع المسجد وبناءه فهو يعود الى عصور موغله في القدم حيت اقيم على هذه الارض معبد لعبادة الأله ادد اله (البرق والرعد والخصب) الذي كان يقدسه الآراميون اي يعود الى عام 1400 ق.م.

وبعد سيطرة الرومان على دمشق حول هذا المعبد الى معبد لعبادة الآله جوبتير والذي قام ببناءه مهندس من اصل شامي اسمه ابولودروس حيث قام بتوسيع معبد ادد وجعله اكبر حجما وسوره وبنى له ابراج في اركانه الاربعة.

وفي عام 391م اي نهاية القرن الرابع الميلادي وبانتشار المسيحيه واعتناق الامبراطور الروماني ثيودوسيوس (379-395م) لها حول هذا المعبد الى كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان (يحيى ابن زكريا) عليهما السلام.

وبعد الفتح الاسلامي لدمشق عام 643 م بقيادة خالد ابن الوليد حيث فتحت دمشق صلحا بعد حصار اقتسم المسلمون كنيسة يوحنا المعمدان مع المسيح لاقامة الصلاة وظل الامر الى ان استولى الأمويون على السلطه حيث نقلت عاصمة الدولة الاسلاميه الى دمشق ضل امر المسجد والكنيسه الى ما هي عليه الى عهد الوليد ابن عبد الملك (705 -715م) حيث اشترى من المسيح الكنيسه وبنى المسجد الاموي على انقاضها.

وتذكر المصادر التايخيه بان الوليد استقدم لبناء الجامع عمال وبنائين مهرة من بلاد فارس والهند وبيزنطه. وقد عمل البيزنطيون النقوش الفسيفسائيه في الجامع وكذلك النحت على الحجر وقد صرفت مبالغ هائلة لاجل ذلك وهناك خلاف بين الباحثين في ان الوليد هدم الكنيسه كلها وبنى على انقاضها الجامع وبعضهم يذكر ان الوليد امر ببناء الجامع مع البقاء على الكنيسه ويفسرون ذلك بوجود الحنيه التي كانت تضم رأس يوحنا المعمدان حيث استخدمت كمحراب لاقامة الصلاة وكذلك المآذن التي تسمى بالطراز الشامي ذات القواعد المربعة في حين ان الدكتوره سعاد ماهر محمد في كتابها العمائر الاسلامية على مر العصور بان الوليد قام بهدم الكنيسه وبناء الجامع وانه قد جعل مكان رأس يوحنا فوق عمود رفع عليه التابوت الذي يضم الرأس للقدسيه ولكن الارجح ان الوليد لم يهدم الكنيسه بل وسعها والدليل وجود حنيه المحراب والصواعع التي استعملت كمآذن.

عمارة المسجد

المسجد الجامع الأموي يتألف من صحن كبير مستطيل الشكل وايوان رئيسي طوله 361م وعمقه 57م وفي هذا الايوان ثلاث اروقه موازيه للقبله ومحموله على اعمده رخاميه وفوقها اقواس اصغر منها وفي وسط هذه الاروقه رواق معترض يقسم الاروقة الى قسمين وسقف الرواق المعترض عمودي على صفوف الاروقة المستعرضه وتعلوه قبه تسمى (بقبة النسر) التي تعلو المحراب والتي بنيت في زمن الوليد تم جددت في عصور لاحقه في عهد الملك نظام شاه وزير الملك السلجوقي في عام 1075م كذلك جدد ركنين منها في عهد صلاح الدين الآيوبي عام 1179م ارتفاع القبه 45م وقطرها 16م وقد وصفها الرحالة ابن جبير في كتابه (تاريخ التقاسيم).

«أعظم ما في هذا البناء قبة الرصاص المتصلة بالمحراب وسطه، سامية في الهواء عظيمة الاستدارة، ومن أي جهة استقبلت البلد ترى القبة في الهواء منيفة على كل كأنها معلقة من الجو».

وفي الجدار الجنوبي للايوان يرى المحراب وارتفاع هذه الأروقه باقواسها الكبرى والصغرى زهاء 15م وارتفاع المجاز المستعرض يصل الى 23م ولهذه الأرروقه كلها اسقف على هيئة جملون.

ويحيط بالصحن ايضا اروقه اخرى تحدها اقواس محمولة على دعائم بعضها مدبب قليلا وبعضها يشيه حدوة الفرس وفوق هذه الاقواس والعقود صف من النوافذ المستطيله الشكل وجزئها العلوي نصف دائري ومتوزعه كل نافذتين على عقد دائري من العقود وفوق الاروقه الشمالية والجانبيه سقف خشبي منحدر؛ وكان المسجد مفروشا بالمرمر وجدرانه مغطاة بزخارف فسيفسائيه ملونه مذهبة ولايزال بعضها موجودا في الرواق الغربي.

وفي الطرف الجنوبي الغربي تقوم مأذنة عيسى التي يعود انشائها الى القرن 11م وهي مبنيه على برج قديم وسميت بهذا الاسم ويعتقد الدمشقيون أن عيسى (ع) سيظهر عند المأذنة المسماة باسمه.

وكذلك قبة الخزنة التي بنيت في عهد المأمون سنة 870م وقبة زين العابدين أو الساعات وقبة البُركة ويقال ان المسجد نال الكثير من الاهمال في عهد الخلافة العباسيه ولكن المسجد بقي قائما وقد ادخل الخليفه المأمون بعض الاصلاحات منها بناء قبة الخزنه وقد قام بازالة بعض اجزاء من الفسيفساء.

ويوجد في ايوان القبله اربعة محاريب ثلاثه منها قديمه وهي محراب الصحابه في الطرف الشرقي والمحراب الكبير في الفرجه الغربية من الباب المثلث في السور القديم والمحراب الحنفي الذي بني (1328م) في الطرف الغربي كما أنه يوجد في قاعة الصلاة عدة منابر منها منبر يزوره محبي أهل البيت (ع) لقناعتهم أن الخطبة التي ألقاها الامام علي ابن الحسين عليهما السلام رغم معارضة يزيد كانت على ذلك المنبر وللمسجد اربعة ابواب وهي باب العمارة او (باب الكلاسة) تقع على الحائط الشمالي تحت مأذنة العروس والثاني باب بريد ويقع في الحائط الغربي وهو مؤلف من ثلاث فتحات والباب بالوسط ويقع مقابل باب جبرون والباب الثالث باب الزيادة او (باب الساعات) في الجهه الغربيه من الحائط الجنوبي وهو يؤدي الى الحرم مباشرة وسمي بباب الساعات ويقع في الجهة الغربية من الحائط الجنوبي مقابل سوق الصاغة، وهو الباب الوحيد المؤدي مباشرة لحرم المسجد, وقد سُمي بهذا الاسم لكونه أُحدث زيادةً في سور المعبد عند بناء الجامع في عهد الوليد, ويعرف أيضاً بإسم باب الساعات في نهاية الألفية الأولى حيث وصفه ابن عساكر بقوله «سمي بباب الساعات لأنه كان عُمِلَ هناك ساعات يُعلم بها كل ساعة تمضي من النهار».

وقد زود المسجد الجامع الأموي في كل العهود بساعة شمسيه، وساعة فلكية، وساعات أخرى، اختلفت أشكالها وأحجامها باختلاف العصور ، وقد اشتهرت منها ساعة وصفها بدقة الرحالة ابن جبير قائلاً: «كانت تتألف من طاقات صغيرة لها أبواب من النحاس كلما مضت ساعة أغلق واحد منها وقبل اغلاقه تسقط بندقتان من فمي بازين من النحاس في طستين فيسمع لهما دويّ، ولهذه الساعة في الليل تدبير آخر يقوم على وجود ألواح من الزجاج مستديرة عند كل طاقة وخلف كل زجاجة مصباح يدور وكلما انقضت ساعة احمرت الدائرة الزجاجية بأكملها وهكذا في كل ساعة».

وفي 1200م، انتقلت هذه الساعات إلى باب جيرون، وانتقلت هذه التسمية أيضاً إلى باب جيرون. وقد تعرضت اجزاء من الجامع الى الحرق ثلاث مرات، الأولى عام 1069، والثانية على يد تيمورلنك عام 1400، والثالثة عام 1893، وفي العصر الحديث كانت آخر عمليات الترميم عام 1994.

العناصر الزخرفية

وصفه الكثير من الرحالة والمؤرخيون واطروا على زينة سقف المسجد وجدرانه الفسيفسائية الملونة وفي قاعة الصلاة التي تبلغ 140م من الطول تعتلي قبة النسر ضريح نبي الله يحيى (ع).

تم تزيين المسجد الجامع الأموي أيضاً بالفسيفساء واللوحات والزخارف وأحجار الزينة وصفائح الذهب والرخام وغير ذلك مما يُضفي على المسجد روزنقاً عمارياً رائعاً يجعله تحفة من تحف فن البناء.

الاان غالبها خرب لوجود فتاوى بعدم جوازها وبعضها احترق حيث تعرض الحامع الى عدة مرات من الحرق حتى تم اكتشافها عام 1928م وقام االسوريين باعادتها وصيانتها وقد وصفه المؤرخ فيليب حتي بانها تمثل الصناعه الاهلية السورية وليس الفن البيزنطي.

ويبقى المسجد الجامع الأموي مقدسا للمسيح والصابئة واليهود للأحتوائه على رأس يوحنا المعمدان (ع) أما بالنسبة للمسلمين فتأتي قدسيته من المكان الذي وُسع عليه الجامع الأموي كان المكان الذي أُحضرت إليه سبايا عاشوراء ومعهم زين العابدين (ع) والسيدة العقيلة زينب التي وبخت يزيد ابن معاوية على تجرؤه على الله ورسوله وأهل البيت (ع) ولذلك يوجد حتى يومنا هذا في إحدى قاعات المسجد مقام لرأس الإمام الحسين (ع) حيث قضى أسارى عاشوراء ليلتهم وفي نفس المكان يجد الزائر قفص المكان الذي كان فيه الرأس المقدس للحسين (ع) وبجانبه مكان تعبد الإمام علي ابن الحسين (ع) فإن الرأس الشريف أرجعه الإمام علي ابن الحسين (ع) إلى كربلاء ودفنه مع جسد أبيه للإمام الحسين (ع). وهذا لا يتنافى مع قداسة المكان الذي كان فيه. ولذا سيضل الجامع الاموي محجا للأديان وقصة تحكي جمال فن الريازة الأسلامية.

ويبقى المسجد الجامع الأموي مقدسا لجميع الاديان وشامخا على مر العصور فمن هنا مروا ومن هنا مضوا وتبقى الخطى والاثار تؤثر اصحابها ومن جميع الاديان سلام الله على يحيى ابن زكريا وسلام الله على الحسين وسبقى اثارهم خالده على مر السنين وسبقى المسجد الجامع محجا للأديان ورمزا لجمال فن الريادة الاسلاميه الخالدة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-