الجديد

السيرة الذاتية للدكتور سليم حسن عميد الأثريين المصريين

تأتي السيرة الذاتية للدكتور سليم حسن رحمه الله في صدارة الصفحات المضيئة في تاريخ المصريين، فهو دُرَّة علماء مصر في العصر الحديث وصاحب الموسوعة المذهلة – موسوعة مصر القديمة التي تتكون من ستة عشر جزئًا بالإضافة لجزئين في الأدب المصري القديم.

السيرة الذاتية للدكتور سليم حسن عميد الأثريين المصريين

الميلاد والنشأة

ولد سليم حسن (1886 – 1961م) بقرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية بمصر، توفى والده وهو صغير فقامت أمه برعايته واستكمال تعليمه، حصل على شهادة البكالوريا عام 1909م ألتحق بمدرسة المدرسين العليا، ثم أختير لإكمال دراسته بقسم الآثار الملحق بهذه المدرسة لتفوقه في علم التاريخ وتخرج منها في عام 1913م.

العمل والالتحاق بالمتحف المصري

تقدم للالتحاق بالمتحف المصري في وظيفة أمين مساعد لكنه لم يتمكن وقتها من شغل الوظيفة لاقتصار وظائف المتحف على الأجانب فقط، اشتغل بعدها بالتدريس في مجال التاريخ بالمدارس الحكومية، وبعد مرور سنوات وتحديدا في عام 1921م تم تعيينه في المتحف المصري بعد نجاح مساعي أحمد شفيق باشا وزير الأشغال وقتها، تتلمذ سليم حسن على يد عالم المصريات الروسي جولنشيف وذلك أثناء عمله بالمتحف المصري.

السفر إلى الخارج

اصطحبه أحمد كمال باشا إلى أوروبا في عام 1922م س لحضور احتفالات الذكرى المئوية لعالم اللغات الفرنسي شامبليون، حيث زار بعض الدول العربية كفرنسا وإنجلترا وألمانيا، وخلال تلك الفترة كتب العديد من المقالات الصحفية تحت عنوان (الآثار المصرية في المتاحف الأوروبية) كشف فيها عن السرقة والنهب الذي يحدث للآثار المصرية مثل رأس نفرتيتي التي شاهدها في برلين.

بعثة سليم حسن إلى الخارج

تكللت مساعي أحمد كمال باشا بالنجاح في عام 1925م حين تمكن من إقناع وزير المعارف زكي أبو السعود لإرسال بعض المصريين للخارج لدراسة علم الآثار وكان من بينهم سليم حسن حيث سافر في بعثة إلى فرنسا والتحق بقسم الدراسات العليا بجامعة السوربون، وحصل على دبلوم اللغات الشرقية واللغة المصرية القديمة والكتابة الهيروغليفية من الكلية الكاثوليكية، كما حصل أيضا على دبلوم الآثار من كلية اللوفر، وأتم بعثته عام 1927م بحصوله على دبلوم اللغة المصرية ودبلوم في الديانة المصرية القديمة من جامعة السوربون.

العودة إلى مصر

بعد عودته إلى مصر تم انتدابه لتدريس علم الآثار بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) ثم عُين أستاذا مساعدا بها.

اكتشافات وحفائر سليم حسن

أشترك سليم حسن في عام 1928م مع عالم الآثار النمساوى يونكر في أعمال الحفر والتنقيب في منطقة الهرم، سافر بعدها إلى النمسا وحصل هناك على الدكتوراه في علم الآثار من جامعة فيين، وفي العام التالي بدأ في بعض أعمال التنقيب الأثرية في منطقة الهرم لحساب جامعة القاهرة لتكون المرة الأولى التي تقوم فيها هيئة علمية منظمة أعمال التنقيب بأيد مصرية.

وكان من أهم الاكتشافات التي نتجت عن أعمال التنقيب مقبرة (رع ور) وهي مقبرة كبيرة وضخمة وجد بها العديد من الآثار، واستمرت تلك الأعمال في منطقة أهرام الجيزة وسقارة حتى عام 1939م اكتشف خلال تلك الفترة حوالي مائتي مقبرة أهمها مقبرة الملكة (خنت كاوس) من الأسرة الخامسة ومقابر أولاد الملك خفرع، بالإضافة إلى مئات القطع الأثرية والتماثيل ومراكب الشمس الحجرية للملكين خوفو وخفرع.

رئاسة سليم حسن هيئة الآثار

عُين وكيلا عاما لمصلحة الآثار المصرية ليكون بذلك أول مصري يتولى هذا المنصب ويكون المسؤول الأول عن كل آثار البلاد، لكن سرعان ما ترك المنصب عام 1940م حين حاول الملك فاروق استعادة بعض القطع الأثرية كان يمتلكها الملك فؤاد كان سليم حسن قد أعادها للمتحف المصري، ولكن سليم حسن رفض ذلك مما عرضه لمضايقات شديدة أدت إلى تركه منصبه.

التفرغ للتأليف والترجمة

ونتيجة لتركه منصبه فقد تفرغ الدكتور سليم حسن مما دفعه لتكريس وقته في تصنيفه لموسوعته الشهيرة “موسوعة مصر القديمة” والتي بدأ العمل بها في عام 1940 ونشرت في 16 مجلد من الحجم الكبير وانتهى منها في غضون عام 1960 م وهو أكبر وأشمل عمل تم تصنيفه عن تاريخ مصر القديمة بأيدي مصرية وخرجت الموسوعة للنور بجهود مصرية خالصة، واعتبرت المرجع الأكبر لتاريخ مصر القديم في العصر الحديث.

أفرز الدكتور سليم حسن العديد من المؤلفات باللغة العربية وغيرها كالإنجليزية والفرنسية، وقام بجهود الترجمة من المؤلفات باللغات الأجنبية، ومنها مؤلفاته عن الأدب المصري القديم وكتابه الحصري عن أبو الهول وكتابه عن الأناشيد الدينية في الدولة الوسطى وكتابه عن جغرافية مصر القديمة إلى جانب مؤلفاته التي كتبت بالإنجليزية و الفرنسية، أما في مجال الترجمة فقد ترجم العديد من الكتب أبرزها كتاب فجر الضمير لعالم المصريات الشهير جيمس هنري برستيد وكتاب ديانة المصريين القدماء لعالم المصريات الألماني شتدورف.

بلغت مؤلفاته التي كتبها بغير العربية ثلاثة وثلاثين مؤلفًا وضمت كتبًا علمية ككتابه عن “أبو الهول” وكتابه عن “الأناشيد الدينية للدولة الوسطى” بالإضافة إلى بحوثه ومقالاته في حوليات مصلحة الآثار والمجلات الأثرية الأجنبية، وتقارير حفائر في الجيزة وسقارة والنوبة. تبنت الدولة نشر وتوزيع مؤلفات الدكتور سليم حسن ودعم كتبه بأسعار مناسبة ضمن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب.

جهود سليم حسن الأخيرة وانجازاته

استعانت الحكومة المصرية في عام 1954م بالدكتور سليم حسن، فترأس البعثة المصرية التي زارت منطقة النوبة عام 1955م، وقدم تقريرا هاما عن وسائل إنقاذ معابد المنطقة وآثارها قبل أن تغمرها مياه السد العالي ومدى تأثير بناء السد العالي على آثار النوبة ، كما أشرف على حفائر مصلحة الآثار في النوبة عام 1958م وعلى عملية جرد المتحف المصري سنة 1959م. كما انتخب عام 1960م عضوا في أكاديمية نيويورك التي تضم أكثر من 1500 عالم من 75 دولة.

وفاته

وبعد مشوار علمي طويل وثري توفى الدكتور سليم حسن رحمه الله في 30 سبتمبر عام 1961م تاركا وراءه تركة علمية وأثرية ثمينة، ليظل كل أثري ومهتم بالتاريخ مدينا لهذا الرجل بالكثير ويظل تاريخ مصر يرسم اسمه بحروف من نور على صفائح من ذهب.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-