الجديد

الصوابية السياسية

هل في بديل لل political correctness ؟؟ احب اقولكم ان ال political correctness او الصوابية السياسية تعتبر من عدة جهات احد اكتر انجازات عصرنا إثارة للإعجاب وافضلها، لان التوجه ده بيتضمن حساسية كبيرة تجاه معاناة الأقليات المهضوم حقها دايما من القوي الاجتماعية المسيطرة، اهداف التوجه ده هي نشر التعاطف والعدل والطيبة.

الصوابية السياسية

وبالنظر لتوجه ذو اغراض وأهداف نبيلة زي دي، من الملفت دايما كم الناس اللي بيعترضوا عليه واللي بيعلنوا امتعاضهم وتضايقهم منه، السبب ورا الضيق ده مش بسبب الأهداف دي ولكن بسبب تصرفات وطرق سلوك متبني التوجه ده لما بيبدأوا يعلموا الناس عنه، لانهم دايما مدخلهم انهم يحسسوا الناس بالذنب بشكل شنيع، خطابهم دايما متضمن دعوة خفية اننا نشوف نفسنا أسوأ مما تصورنا نفسنا في يوم من الأيام. المشكلة ان الإحساس بالذنب الطاغي اللي هم بيرمونا فيه مبيبقاش معاه عرض موازي لطريق للخلاص.

في النهاية رؤيتهم دايما بتأدي بالناس انهم يشوفوا المشكلة اكبر واشمل واوسع انتشارا من انها تتحل، بندرك ان الهدف من تعاليمهم مش بس تغيير افعالنا ولكن حتي افكارنا ذاتها، الإغراق في الإحساس بالذنب هوا كل المحصلة لمجهودات متبني الصوابية السياسية !!!

خيارات الصوابية السياسية

بتتركنا الصوابية السياسية بخيار من الاتنين، اما اننا نتبني اهدافها النبيلة زي الطيبة والحساسية تجاه الآخر لكن مع امتلاك كمية لا تطاق من الإحساس بالذنب، او الخيار الآخر اننا نرجع لسلامنا النفسي وطرد الإحساس الجارف بالذنب ده بغض النظر عن كوننا طيبين ولا لأ وبغض النظر عن اي label مشينة بيتم وضعها علينا !!!

الشئ الجيد ان فيه طريق رائع للخلاص من المعضلة دي، الشئ ده هوا ما يسمي تقليديا ب “التهذب politeness”.

التهذب بيشارك ال political correctness اهدافه النبيلة زي العطف والحساسية والطيبة مع اختلافات جذرية في الطبيعة وفي اساليبه، الاختلافات دي بتدي افضلية للتهذب عن الصوابية السياسية واهمها:

التهذب توجه عام وليس مخصص

الصوابية السياسية بتوجه اهتمامها دايما لمجموعات معينة داخل المجتمع، في حين ان التهذب بيوجه اهتمامه ونشر اهدافه للناس والمجتمع والعالم ككل، يجب معاملة الجميع بطيبة وليس اعراق او مجموعات بعينها.

التهذب توجه مختص بالأفعال وليس الافكار

في حين ان الصوابية السياسية بتوجه عدسة اهتمامها بافكارنا عن الآخر فالتهذب بيدرك ان الاهم والافضل هو ازاي بنتصرف مش ازاي بنفكر، لأن ده في محصلته النهائية افضل للجميع لأن عقلنا بطبيعته بدائية، فالمهم ازاي بنتصرف مش ازاي بنفكر.

التهذب توجه غير سياسي

الصوابية السياسية زي ما باين من اسمها توجه ملازم للسياسة والتوجهات السياسية عموما، وللتوجهات والاجندات اليسارية بشكل خاص، ودي مشكلة كبيرة لأن الدعوة دايما بتبقي عبارة عن package، اما تؤمن بكل توجهاتنا السياسية والاقتصادية واما تتركها كلها وتترك اهداف الصوابية النبيلة زي الطيبة والحساسية من ضمنها، علي العكس التام بيأتي التهذب، فهو توجه غير سياسي عالاطلاق ومبيلزمش حد باجندات غير معاملة الكل بطيبة بغض النظر عن توجههم او ماهيتهم.

التهذب يتم تعليمه بلطف

اهم نقاط قوة التهذب انه مبينظرش للإنسان من منظور الذنب وده مش مدخله للتعليم والانتشار، بالعكس دايما بيتم ده باحتذاء المثال العملي ان الشخص يبقي نفسه مهذب وبيعامل الكل بطيبة، هنا مبيتمش النظر للفظاظة علي انها عيب موروث ووصمة عار زي ما بيحصل من أنصار الصوابية السياسية ولكن بينظر ليها ببساطة علي انها ناتج الم داخلي ونقص في التعليم مش اكتر.

التهذب مثال نتطلع له مش إلزام

الصوابية السياسية دايما بتحطنا في خانة “يجب عليك” في حين ان التهذب بيقولنا “انه هيكون من اللطيف لو”، الفرق بين الإلزامية دي للصوابية وبين لطف المثال اللي يتطلعله اللي التهذب عايزننا نوصله من اهم الفوارق بينهم اللي بتبين ان التهذب اكتر ملاءمة لطبيعتنا البشرية، احنا دايما مبنحبش ما يفرض علينا خصوصا اخلاقيا لان الالزام مبيحسسناش بأي فضل في الفعل لاننا مجبرين ولكن الاختيار بيحسسنا دايما بالفضل ده، الفرق ده هوا الفرق مثلا بين التصدق والضرايب، الاولي بتأتي بإحساس رائع عكس الاخيرة دي.

من المؤسف في عصرنا ان بعض اهم اغراض التهذب النبيلة بيتم النفور منها بسبب ضغوطات وأخطاء ال political correctness، في عالم ومجتمع نأمل انهم يكونوا مكان افضل يجب اعادة تبني المفهوم الرائع المسمي politeness —




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-