الجديد

نظرية ضعف القوة

ما هيه ضعف القوة ، إن انكسارات واخفاقات اصدقائنا والمقربين منا له اثر كبير علينا، احنا في المقام الاول انجذبنا ليهم بسبب نقاط قوة شخصياتهم ونجاحاتهم ومميزاتهم عموما..

نظرية ضعف القوة

لكن بعد فترة ما اللي بيسيطر علي نظرتنا ليهم هيا الجانب السئ “او اللي احنا بنحكم عليه بانه سئ” من شخصيتهم، بنبصلهم ونتسائل هوا ليه حالهم كدة، ليه بيخفقوا وليه معندهمش مقاومة جيدة للضغوطات وليه معندهمش قدرة علي النهوض مجددا مثلا، وبنوصل لدرجة من قساوة الحكم عليهم اننا بنقول انهم كانوا ممكن يتغيروا للافضل بس هما نفسهم العائق الاكبر امام نفسهم.

في اللحظات دي بالذات واحنا بنهشم صورة الاخرين في رؤسنا لازم نفتكر نظرية بتسمي نظرية “ضعف القوة” !!!

النظرية وفكرتها ببساطة اننا لازم نبص لكل “عيب” ما في شخصية الاخرين علي انه الجانب السئ “الحتمي” لميزة ما بيمتلكها الشخص ده the inevitable downside of a certain merit.

النظرة دي بتجردنا من اسلوب الحكم القاسي المعتاد علي “عيوب” الاخرين، بمعني اننا مش هنبصلها علي انها اخطاء محضة ولكن مجرد “ظلال” حتمية لمزاياهم اللي جذبتنا ليهم في الاساس.

اللي بنشهده فيهم من “ضعف” هوا نفس المنبع والمصدر لما نشهده فيهم من “قوة” ومن هنا جات تسمية “نظرية ضعف القوة” اللي يبدو اسم غريب ومتناقض للوهلة الاولي.

شرح نظرية ضعف القوة

اثناء اقامته في باريس في سبعينيات القرن ال19 اقام الروائي الانجلو اميريكي العظيم هنري چيمس صداقة وطيدة بنظيره الروسي العظيم ايڤان تورجينييف..

الشئ الاكتر الفاتا لنظر چيمس في تورجينييف كان اسلوبه الهادي المتأني في الكتابة والسرد القصصي، كان بيعيد قراءة اللي بيكتبه ويعدل ويحذف ويبدل بمنتهي الهدوء لغاية ما يخرج منتجه النهائي بشكل كامل ورائع..

وكان بيشوف چيمس ان اسلوب تورجينييف ده اكتر من رائع، الا انه علي المستوي الشخصي بقي كان بيشوف تورجينييف شخص فظيع يصعب تحمله بسبب انه كان كل لما يتفقوا يتقابلوا مثلا يتصل قبل المعاد بقليل يلغي المعاد وكان بيكرر “سخافات” من النوع ده كتير.

چيمس كان بيشوف ان نفس الشئ اللي بيخلي صديقه الروسي كاتب رائع هوا اللي بيخليه كابوس علي مستوي العلاقات الشخصية، وهوا انه دايما متأني وغير متعجل وبيحب يسيب فرصة لكل امكانية متاحة حتي اللحظة الاخيرة، ده كان علي مستوي الكتابة بيخليه ينتج اعمال ادبية رائعة وعلي مستوي العلاقات الشخصية شخص يدفع للجنون. وكتب چيمس “ان صديقي الروسي يظهر ضعف قوته!!!”.

طريقة عمل النظرية هيا ان مفيش “ميزة” بيمتلكها شخص ما الا وبتجلب معها “عيب” ما، زي بالظبط وجهي العملة المعدنية، في تلازم بينهم لاتحادهم في المنبع. ومفيش حد يقدر يمتلك مزايا خالصة بدون عيوب ما والعكس صحيح، ده مستحيل، مفيش حاجة اسمها ابيض واسود، كلنا خليط من الاتنين.

روعة النظرية دي انها بتمنحنا منظور متسامح للاخرين ولانفسنا، بنبطل نشوف الجانب السئ فيهم او فينا علي انه شر محض، ولكنه مجرد “ظل”، ودايما بتفكرنا اننا في اصعب الاوقات والازمات لازم نتخلص من قساوة الحكم والوقوف علي الجانب “الفعال” لحل الازمات ومواجهتها بدل الانشغال بالتفكير في “الظلال” دي. والاهم انها بتخلصنا من وهم “الكمال” واننا هنلاقي شخص ما كامل وافضل من كل الاخرين لان كلنا بلا استثناء خليط من الضعف والقوة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-