اليوم سأحكي لكم قصة صفعة وهى قصة قصيرة نوعاً ما ، أتمنى أن تحوز على إعجابكم، فتابعوا مع تركية العمري سرد الحكاية.
بداية قصة صفعة
قال لي أنها حامل فصفعته. لم افعل شيئا دافعت عن بشاير.
مر النادل أمامي بزيه الأنيق، هو أيضا أنيق، ساعته الجلدية البيضاء تأسرني وهي تحيط معصم يده الـيسرى.
وضع النادل أمامي فنجان القهوة، ولكني طلبت سكر أكثر. مر بي صوته ضعي إصبعك ، وستصبح قهوة سكر زيادة.
مسحت دمعة سقطت من عيني. هو لا يعلم انه وقف بيني وبين الذكور الآخرين، لا أراهم، نعم لا أراهم، وبعد ذلك تكون هي بكل بساطة حامل.
أتذكر عندما ضايقني احد المتسكعين في مركز تجاري، قلت له بأنني متزوجة، فابتعد.
عهد وثيق بيني وبينه، عندما أتى ابن عمي لخطبتي شعرت برعشة كيف يخطبني وأنا متزوجة ! أكثر من واحدة تلقي علي السؤال متزوجة ؟ فابتهج.
تساؤلات
صديقتي هيلة تصفني بالجنون. هل صفعته؟ هل صفعت حبيبي، نعم. قال أنها حامل.
سمعته ورأيت شفتيه اللتين يعتليهما شارب خفيف، وهي تنطق العبارة.
تلك اللحظة شعرت بأنني سقطت أنا من مكان عال، وهي ارتفعت، وطالت بل أصبحت أكثر طولا من نخيل مزارع أبي،
اقتربت هي، وابتعدت أنا عنه. وانطفأت رغبة الرقص له في قدي.
تلك اللحظات كان كل ما حولنا يـحتفي بقدومي، كما عودني أن يحتفي بي. وأنا أنثى تعشق الاحتفاء بها.
هلا بشايري. اسمعها واسمع في اللحظة ذاتها لحنا رقيق.
كنت ارتدي فستانا طويل مــن الشيفون والحرير، تداخلت فيه تماوجات الفوشيا.
وصلت طائرتي الساعة السادسة، الساعة السادسة والنصف كنت أمامه بكامل مشاعري الرقراقة.
أنا وبكل فخر أول أنثى في مدينتي الصغيرة تحب وتلتقي بحبيبها في مدن عديدة وتقفز على كل الأسوار،
لازلت أتذكر عندما فجرت أمنيتي بان أكون رائدة فضاء في صباح مدرسي وارف بي وبأحلامي الصغيرة، اتسعت حدقتا عيون المعلمة.
حرارة صفعة
أما زميلاتي الصغيرات فقد ضحكن، تلك اللحظات نظرت إلى المعلمة باستغراب ونظرت اليها بدهشة واكملت إحكام ربط شريط الساتان الأبيض الذي يلف ضفيرتي اليسرى.
عندما صفعته، شعرت بحرارة في يدي بل في جسمي كله كتلك التي تجتاحني عندما يقبل ظاهر يدي اليمنى،
جلست أمام المرآة وجلس هو على الكنبة التي تجاور النافذة، داهمتني لحظة ندم خاطفة وأسئلة كثيرة،
ولكنه جرحني، هو لا يعلم بأنه جرحني، كيف لا يعلم، ألا يعلم بأنه حبيبي منذ ثمان سنوات لا بل أكثر في حسابات اشتياقي له وخوفي عليه،
هو حبيبي منذ كنت ارسم ملامح وردية للبشر، والأشياء، هو حبيبي أنا، الذي جعلني ارتكب حماقات صغيرة عديدة، تشهد عليها صديقتي هيلة وعيون مساءاتي الدافئة.
لو علم أبي ياه لو علم لقتله بمباركة إخوتي، وأبناء عمومتي ولنشبت حرب أخرى تشبه حرب داحس والغبراء التي لازلت أتوقف عند سبب نشوبها وأضحك.
اعتذار
نهض من مكانه، توقعت يعتذر وهو يحضنني، ولكنه مسح على شعري اصطدمت يده بماسكة شعري ولكنه لم يفكها هذه المره كما اعتدت،
وخرج وأغلق الباب وراءه. لحظة هزيمة عاصفة، تلك اللحظات أدركت أن جيناته الصحراوية العنيدة والتي اعرفها جيدا وتعرفني قد استيقظت.
“مثلك لا تحب” رددت هيلة على مسامعي هذه العبارة أكثر من مره، هيلة معها حق،
مسكينة هيله عاشت معي لحظات قلقي ولهفتي عليه، وحيرتي معه.
المخلصون يجب أن لا يحـبون لأنهم يحيون تفاصيل الحب ويعتنقون شرائعه المقدسة.
ليته لم يخبرني، هو لم يتعمد، أنا سألته ما أخبارك؟
بعد ذلك مرت أنفاسه على قسمات وجهي، ازداد توقد شموع الإناء البلوري،
وتوردت أزهار تلك اللوحة ذات الإطار الذهبي، ملأت رائحة عطري المكان وتعالقت مع رائحة عطره النفاث،
بعد ذلك كيف تغير الحوار لا ادري ابتعد عن قلبينا، عن مشاعرنا فنطق أنها حامل.
تلك اللحظات رأيته شخص آخر، لا ليس حبيبي، الذي زرع وردة واسماها باسمي، ليس هو الذي قال بأنه سيجعلني ملكة والعالم حاشية.
التفت يساري رأيت مسافرا يعبر البوابة الزجاجية يبدو انه من أرض تعبر إلى الإنسان توقف أمام موظف الاستعلامات.
ارتشفت الرشفة الأولى من القهوة. ظهر لي يضع يده على خده. تناولت منديلا مسحت دموعي. ولكنها حامل !
قبل أن اخرج من الغرفة وأنا انتظر أن يعود، رن جوالي بنغمة رقمه،
أمسكت بالجوال، فتحته وأنا ابكي ارتفع صوت بكائي، تعمدت ذلك ألقيت بالهاتف النقال.
ورميت نفسي على السرير، لابد أن يسمعني يعلم بأنه أبكاني،
أعلم كم هي دموعي غالية عليه أكثر من مره استمتعت بذلك، أحيانا أشعر أنه يعلم أنني أبالغ.
هو لا يعلم كيف وصلت إليه، أي مغامرة ارتكبت، هنا كيف تحايلت على وجوه كثيرة ودروب ضيقة مملة، هو ابن بلدتي وأن كان قد تركها منذ زمن.
يعني ابتعد عنه وتقترب هي، أتساءل كيف الذكور الرائعين في وطني يتزوجون نساء مثلها، هيلة تؤكد بأنهم يقصدون ذلك. هو ليس مثلهم.
ادعوا للبنات بحظوظهن كم كنت اكره هذه العبارة وأتوسل لامي أن لا ترددها. اليوم اعتقد أن أمي على صواب، بدأت استعيد دعوات أمي لي.
ليت احداً يبلغ أمي.
لابد أن أغادر أن أعود إلى مدينتي، ولكن الرحلة غدا هل أبقى إلى الغد،
وأتألم هنا في هذه المدينة الشاسعة والمملة والتي لا اعرف احدا فيها سواه هو يعلم ذلك،
أنا أكره أن أكون ضعيفة حتى أمامه، ولكن هذه المرة يختلف الوضع، أنا مهزومة، هناك عظماء ويهزمون وينسحبون ولكني لن انسحب.
صفعة اخرى
موجوعة به، أم بمشاعري معه. أم بي أنا معه. كان لابد أن اعطيه صفعة، ولكن عينه كأنني لمست طرف عيني، لا سلامة عينيه.
كأنني لمست طرف نظارته، ارتدى النظارة منذ ثلاث سنوات، تألمت لذلك.
أتذكر تلك اللحظات عندما التقيته، وكان يرتديها لأول مرة، لا ادري رايـته طفلا أمامي، وفجأة وجدت نفسي ابكي أمامه، عيناه أنا اسكنهما،
عيناه تحفظ تفاصيل ارتباكاتي الصغيرة، عيناه مررت إلى نظرات إعجاب وأنا أقف اثبت حزام ثوبي الأزرق الربيعي القصير على خصري، عيناه صدقه وابتسامته وغيرته.
نعم.
أتعمد أحدثه عن مديري ويتعمد الصمت أو يردد كلمات مقتضبة، فانهي الحديث. لم تكن صفعتي له قوية.
حامل يعني انه توحد معها في مساء بل مـساءات، يعني وهبها أطفالي،
يعني في لحظة عبث بكينونتي الحالمة، الحكاية اكبر مما يتخيل وخاصة معي، هيلة أسمتني الآنسة بـشاير تفاصيل.
هو يعرف تفاصيل أنوثتي، واستجاب لنداءات مشاعري الأنثوية الخفية!
أحيانا كثيرة اغبط هيلة فهي تريد رجلا والسلام. عدلت طرحتي التي بدأت تنحسر إلى الخلف، شعرت بجفاف حلقي، طلبت ماء.
هو رجل تفاصيلي أنا، حرام عليه. سيهتم بها ففي رحمها تستقر نطفة منه سيدللها،
خالي كان يدلل زوجته عندما حملت رغم أنه لا يــحبها. ذكورنا متناقضين بل كل ذكور الأرض كذلك.
في يوم ما أنهيت علاقتي به أدركت بأنه مستحيل ارتباطنا،
فهو ولد عم حـوفان حارس مدرستي المتوسطة وأنا ابنة رجل يملك العديد من المزارع والمحلات.
وتدور حوله شبهات مالية كثيرة، ومرت سنوات، ابتسمت له الحياة وعاد لحبنا عاد لي.
لن أنسى جنونه قبل عام عندما أجريت عملية ووجدته بجواري يبكي، وهو يدخل أصابعه بين خصلات شعري الطويل التي تناثرت على كتفي الأيسر.
غزل وحب
بعد ذلك بدأ في تقبيل أصابعي اصبعا إصبع، ارتعشت تظاهرت بأني نائمة كنت أتابعه وبهجة طفلة تملاني،
ثم طبع قبلة على ظاهر كفي، ما أجمل تلك اللحظات، تمنيت أن يطبع قبلة على شفتي، ولكنه نثر قبلة على جبيني.
فتحت عيناي نظر إلي بسعادة، كانت عيناه ممتلئة بالدموع مختلطة بكلمة احبك، التي رددها حرفا حـــرفا أ ح ب ك.
تلك اللحظات غيبنا أنا وهو كل قيود وشرائع مدينتنا الشاحبة التي رأيت عينيها الجاحظتان تراقبنا.
حييت معه تلك اللحظات أنا وهو فقط، كنا خارج بلدتنا، خارج زمننا، لا ادري كنا في فردوس نشرب نبيذنا الخاص بنا.
نهضت باتجاه النادل طلبت ماء. امتد بصري إلى البوابة الزجاجية لعله عاد. ولكن لا احد. هادئ جدا، ومشاغب أحيانا.
آتي إليه ثائرة، قلقة، ممتلئة بشك حول غيابه عني، وأعود وأنا أكثر إيمانا بحبه لي.
لا يتحدث كثيرا عن همومه ، يتوحد مع ألآمي. ابتسمي و ارقصي كلماته التي أحفظها واليوم يقتلني،
يوجعني يسرق ضحكتي وأمنياتي ويهبها لأخرى قلنا سننتهي.
سأعود كيف سأعود غدا إلى مدينتي، ستشمت بي ستردد أنني استحق ما فعله بي، هي التي تراني متمردة،
كيف ستراني هيلة التي استودعتها سر خروجي ولقائي به، والمشكلة أنني سأخبرها بما حدث لا اخبي عن هيلة شيء،
فانا أحبها رغم أنني اعرف أنها تغير من حكايتي معه، أنا مؤمنة أن الله يمنح كل شخص أقدارا جميلة وهي هدايا خاصة بــه.
صمت
تصمت هيلة عندما أقول لها ذلك و تظهر في عينيها نظرات دهشة. ابتهج عندما أتحدث لهيلة عنه، عندما تحب الأنثى تزداد رغبتها في الكلام عمن تحب.
اعرف هيلة ماذا ستقول لي رغم أنها تشتم الرجال،
ولكن أحيانا أراها تصف بجانبهم ستقول هو الرجل لحظات لا يستطيع التحكم بذاته مثلنا، ولكني سأهاجمها.
لا لا تقولين رجل وامرأة سيصدع رأسي لن ابحث إلا في قاموس حبي أنا لا أريد أي تفسيرات جندرية، أو بيولوجية.
سمعت أن قلب الرجل يتسع لأكثر من أنثى، تلك اللحظات مر بي هو وزلكني اتسع في قلبه.
هي ذاتها هيله التي سألتني برقة لم اعتادها منها لماذا تعودين لحب متعب، نظرت إليها.
أحبه، عندما يحدثني عن طائر الكـناري وأرجوحته، وغنائه العذب الطويل لأنثاه التي تنصت إليه باهتمام ثم يتبادلان كعاشقين القبل.
لا تعلم هيلة انه يغني لي طويلا. أحيانا أتمنى أن اسمع منه شيء من النقد لأبي ولكنه لا يفعل، أتساءل كيف يراني ويفصلني عن أبي!
صغعة مجدداً
مدام انتبه صوت النادل، صوته أنا سادفـع، لا تفكرين تدفعين. وصفعته. سيعود إلى ، هو يخجل مني ، يتحول أمامي كطفل ، وسيعتذر وساسمعه.
سأقتنص الفرصة و اعتذر بطريقة لا تخدش كبريائي ولا تحملني أي ذنب. دخلت المصعد بدا يرتفع.
توقف عند الطابق الثالث، اتجه نحو غرفتي كان يقف هناك شهقت سقطت حقيبتي ركضت إليه،
توقفت، اقترب واقترب تعالى صوت في أعماقي لم يقل أنها حامل أنصت ، بسرعة تذكرت لم يقل أنها حامل ، شـدني إليه ولف يده حول كتفي، وبكيت.