دايما عندنا اعتقاد ان الفلاسفة لازم يبقوا فخورين بعقولهم الكبيرة وقدرتهم علي التفكير في مسائل معقدة وحل مشكلات منطقية عويصة، الا اننا بنصطدم بالفيلسوف ميشيل دي مونتين عشان يكسر التابوهات دي، فيلسوف كرس حياته الفكرية للسخرية من عجرفة الفلاسفة وكلكعتهم!!!
فكر ميشيل دي مونتين
كتابه الأهم “مقالات” بيفكرنا باستمرار اننا لازم منبقاش معقدين عشان نعيش حياة عقلية وروحية جيدة، لازم نبقى فكاهيين، ومفيش مشكلة لما نغلط ومنفهمش، لاننا زي ما هوا قال “في النهاية حتي على أفخم العروش يجلس البشر على مؤخراتهم”
في عصر النهضة اللي عاش فيه كان بيتم تمجيد العقل كأداة ومنحة إلهية تقدر تمدنا بالسعادة والتفوق عكس كل المخلوقات الأخرى، النظرة دي وعجرفتها كانت بتجننه من الفلاسفة دول وعلى رأسهم سيسيرو اللي كان بيعلي من شأن التفكير المعقد، وسخر مونتين منه وقال “اراهن ان كثير من الفتيات في القري عشن حياة اسعد وافضل من سيسيرو”!!!
ومكنش بيقصد اننا منقدرش نعيش بتفكير سليم، هوا بس كان بينتقد التفخيم لقوي العقل وكان بيقول ان حياتنا مكونة من الحكمة والجنون وان اللي يهمل حاجة منهم سواء دي او دي فهوا مخطئ!!!، واكبر مثال علي جنون الحياة هوا العيش في هذا الجسم البشري الضعيف ذو الرائحة الكريهة واللي بيفني في النهاية!!!، واكبر مثال ضربه علي هشاشة عقولنا هيا فكرة العجز الجنسي!!!
كان ليه صديق بيصاب بالعجز خصوصا أمام الفتاة اللي مغرم بيها، فيلسوفنا مكنش بيلوم القضيب ولكن العقل والجهاز النفسي!!! وده بسبب وهم التحكم التام لعقولنا علي اجسادنا، الإرهاق العقلي هوا سبب العجز ده، عشان كدة الحل هوا الإستسلام والاقرار بفوضوية الوضع !!!
ومكانش بيتكسف يقول لرفيقته انه ممكن يصاب بعجز جنسي علي سبيل خفض التوقعات وإزالة الإرهاق، ورغم تفوقه الأكاديمي، إلا أنه كان دائم الإنتقاد لعجرفة اساتذته وكان بيشوف إن التعلم الحقيقي هوا تعلم الأشياء المفيدة وليس الصعبة!!!
فيلسوفنا كان بيسخر أيضا من التابوهات المعتادة عن كبار الفلاسفة وتقديسهم، كان بيشوف ان افلاطون ممل للغاية، ومكنش عنده مشكلة أنه يقول ان غايته الاولي من القراية هوا التسلية، اه بيحب يتعلم إلا أنه مش مستعد يقرا حاجة مملة، ولو لقي نفسه مش فاهم كتاب ما مهما كان كاتبه كان بيرميه ويجيب غيره!!!
وكان بيسخر من هالة التقديس اللي بتضفي علي أهمية قراءة الكتاب المرموقين، وكان بيقول ان الأهم من دراسة الآخرين هوا النظر في أنفسنا والتفكير بنفسنا.
نظرة مونتين للحياة قد تبدو قليلة الطموح، الا انها بجد واقعية ومطمئنة، لاننا فعلا مش كاملين ومش لازم ننبذ الجانب المرح فينا بسبب بضع اشخاص يعتقدوا في انفسهم بعجرفة انهم كاملين.