هل تعلم لماذا نرتدى الملابس سؤال تبدو اجابته منطقية، اكيد بغرض الحماية، الحماية من الظروف البيئية والحرارية، ممكن كمان تضيف ان الملابس نوع من عرض شخصياتنا واذواقنا..
بس السؤال بقي اللي محتاج فحص هوا ليه بنشعر بالاحراج من التواجد حول الآخرين بدون ملابس، واشمعنا احنا البشر الفصيل الوحيد من كل الكائنات الحية اللي بنلبس هدوم؟!
كلمة احراج بالانجليزية embarrassment جيا من جذر لغوي برتغالي بمعني تشابك او تعقد، ودي فعلا طبيعة الاحساس بالاحراج، شعور بالضيق والضغط والانكشاف، لكن ازاي الشعور ده ممكن يكون دليل علي كون الشخص انسان جيد واهل ثقة ويمكن مسامحته والاعتماد عليه؟!
لماذا نرتدى الملابس
الملابس بتعود لاكتر من 100 الف سنة قدما، وزي ما قولنا وظيفتها الحماية او حتي كنوع من الزينة واظهار الذات والمكانة الاجتماعية، لكن زي ما بدأنا مش ده موضوع السؤال النهاردة..
احنا هنتناول الملابس من منظور وظيفي تاني وهوا “التواضع والاحراج”. ليه بنخجل من العري، خصوصا وكل الحيوانات حوالينا بتعيش عارية عادي، ليه الحيوانات مبتحسش بالاحراج زينا ؟! تعالوا نلقي نظرة اقرب علي “الاحراج”.
الاحراج شعور فريد جدا، وشعور اجتماعي من الدرجة الاولي، لان عمرنا ما بنحرج لوحدنا مهما كان وضعنا، بنحرج بس حوالين الاخرين، عشان كدة الاحراج ظهر تطوريا لانه بيحسن التعايش الاجتماعي، لاننا بنشعر بيه بعد خرق القواعد الاجتماعية الخاصة بالتواصل مع بعضنا البعض، وكل منا لما بنتحاشي الخرق ده عشان نتحاشي الشعور بالاحراج بنخلي الحياة المجتمعية اكيد افضل..
والابحاث وجدت برضه ان الاحراج دليل علي مدي صحة المخ، الاشخاص الاصحاء بيشعروا بالاحراج اما اللي عندهم تاكل او ضمور في قشرة المخ فإحساسهم بنفسهم وبموقفهم العام بيبقي اقل.
في تجربة شهيرة اتعملت عن الاحراج، جاب العلماء ممثلين يمثلوا رد فعلهم علي خبر انجاز مهم عملوه وقسموهم مجموعتين قدام جمهور، مجموعة اتطلب منها تمثل انها عندها فخر وزهو بانجازهم ومجموعة اتطلب منها تمثل انهم محرجين من تسلطهم للاضواء..
وجدوا ان الجمهور تعاطف وحب المجموعة اللي اتدعت الاحراج اكتر من الاخري اللي شعروا انهم متعجرفين، ببساطة لان الاحراج كان مؤشر علي استحقاق الثقة وحب العمل الجماعي والتطلع للتواجد في الصورة المجتمعية.
ويمكن ده يقولنا ليه لما بنحب او بنعجب حد دايما بنحاول نثير فيهم الاحساس بالاحراج عن طريق اطراءهم بالمجاملات او المعاكسات !!!
في احساس اقوي من الاحراج وهوا الاحساس بالعار!!! وده مرتبط بشكل اساسي بالسؤال اللي بنفحصه النهاردة وهوا سؤال ليه مبنحبش نظهر عرايا.
العالم كله شرقه وغربه بيتشاركوا في الاحساس بالخجل والعار من ظهور الاعضاء الجنسية والحميمية، طب ليه ؟! في عالم نفس اسمه “هاڤلوك اليسيس” اتكلم عن منشأ الشعور بالخجل من العري وارجع ده لسبببن تطوريين، والسببين دول بيعودوا قدما لما قبل ظهور الملابس، وحتي مش شئ خاص بالانسان وحده.
السبب الاول هو الرفض
كل الحيوانات الجنسية بتلعب لعبة الرفض والصعوبة في قبول الجماع الجنسي من اجل الانجاب، ده بيدي احساس بان اللي بيستحمل ويتخطي الرفض ده شريك افضل في نظر الانتخاب الطبيعي، عشان كدة لما نيجي نطبق المنظور ده علي البشر فالملابس ليها وظيفتين عكس بعض تماما..
الاولي جلب الانتباه والتاني اظهار الرفض واعلان استعصاء النفس علي المشاركة الجنسية، وبالتالي عملية التلاقي الجنسي بتبقي اكتر تحدد وانتخاب من وجهة نظر تطورية.
السبب التاني هو الفضلات
عادة الانواع اللي بتشمئز من فضلاتها بتبقي عندها ميزة تطورية انتخابية افضل للبقاء، لانها بترفض الفضلات بتاعتها اللي هيا مصدر للامراض، عشان كدة تغطية الاعضاء دي بالملابس وسيلة لاعلان الترفع عن الفضلات وبالتالي امتلاك ميزة تطورية بتؤهل النوع للبقاء. في 2009 ال BBC استقصت عن عوامل تانية مهمة من اسباب لبس الهدوم وكان اهمها ترببة الاطفال!!!
في الانواع اللي صغارها بيولدوا جاهزين للحياة زي بعض انواع الطيور مفيش داعي لقضاء الوقت بجوار الصغار دول لتربيتهم لان هما مش محتاجينها اصلا، الافضل قضاء الوقت في جلب المزيد من الصغار..
اما عندنا احنا البشر فالوضع مختلف، بنولد غير مستعدين للحياة عشان كدة مهم جدا ان الاباء يقضوا وقت كبير بيهيأوا الصغار للحياة، طب ليه مبنولدش زي الطيور دي اللي بتبدأ الاعتماد علي نفسها مباشرة بعد ميلادها، ليه بنعتمد علي اباءنا فترة كبيرة من تعليمنا كل شئ تقريبا ؟! التفسير لده هوا اننا جنس فائق الذكاء!!!
ذكاء الكائنات مرتبط جدا بحجم المخ، طب بالمبدأ ده المفروض كائن زي الحوت يبقي اذكي مننا احنا البشر لان مخه اكبر مننا، لكن مش الحجم بالظبط هوا الفيصل وانما نسبة حجم المخ لباقي الجسم، مقارنة بحجم اجسامنا فاحجام مخنا عملاقة، احنا اعلي الكائنات في النسبة دي، عشان كدة بنولد بمخ صغير جدا مقارنة بالوضع اللي هنبقي عليه لما يكتمل نمونا، لان رحم امهاتنا مكانش هيسع كائنات بحجم الدماغ ده لو كنا من الكائنات اللي بتولد جاهزة للحياة.