الجديد

حرب القرصنة بين دول المغرب العربى والولايات المتحدة

حرب القرصنة بين دول المغرب العربى والولايات المتحدة التى كانت تدفع الجزية للجزائر ولطرابلس الغرب وتونس والمغرب.

غلاف كتاب حرب القرصنة بين دول المغرب العربى والولايات المتحدة
فقد كانت الدولة الجديدة _الولايات المتحدة_ تعانى من مشكلات تكوينها وإنفصالها عن الدولة الأم إنجلترا فى حين كانت دول الشمال الإفريقى تمر بالفترة الأخيرة من عهد إزدهار كانا يمثلان معا المستقبل والماضى.

كانت أمريكا تمثل المستقبل الماثل والشمال الإفريقى يمثل الماضى الزائل، وحدث هذا فى السنوات الأولى لقيام الدولة أى ما بين القرنين ال 18 و 19.

الجزائر تدعم ثورات الغرب

قرأت مقال للأستاذ عبد القادر زيادية أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الجزائر فى العدد ال 11 من مجلة البحوث و الدراسات العربية التى يصدرها معهد البحوث و الدراسات العربية الصادر فى عام 1984 و هى تصدر سنويا فأحببت أن أشرك القراء فى التعرف عليه.

يقول المقال أن الجزائر كانت أقوى قوة بحرية فى حوض البحر الأبيض المتوسط حتى معركة نفارين عام 1827 و يكشف عن مشاركة للإسطول الجزائرى للإسطول المصرى، كما يكشف عن دور كبير للجزائر فى إنجاح الثورة الفرنسية عن طريق تزويد حكومات الثورة بالغلال كما يكشف عن دور للجزائر سياسى تجاه الثورة الأمريكية إذ كانت أسبق الدول أعترفت بها.

و يقول المقال بالنظر لأهمية البحر الابيض المتوسط و موانئه للدول الأوروبية فقد كانت هذه الدول ملزمة بدفع الجزية السنوية و تقديم الهديا الموسمية لأمراء و دايات و بايات الشمال الإفريقى مقابل مرور سفنها فى أمن وسلام فى البحر الأبيض المتوسط و ذلك حتى النصف الثانى من القرن ال 19.

ولم تشذ عن ذلك الولايات الأمريكية المتحدة فى يوم من الأيام و هذا منذ بروزها إلى الوجود كدولة مستقلة فى سنة 1774 فقد ظلت الولايات المتحدة تدفع الجزية سنويا والهدايا الموسمية لحكومات الشمال الإفريقى الثلاث طرابلس وتونس والجزائر.

كما دفعت الجزية المتقطعة لسلطان المغرب الأقصى وخاصة فى نهاية القرن ال 18 وقد كانت أكبر جزية تدفع للجزائر و هذا لعدة إعتبارات منها أن داى الجزائر كان أسطوله اقوى الاساطيل و منها أن علاقته بالولايات المتحدة كانت جيدة منذ البداية.

لقد كان على علاقة الولايات المتحدة بدول شمال إفريقيا أن تكون جيدة لا عن طواعية و إختيار و لكن لان منطق القوة كان يقتضى ذلك فحينما فكر زعماء الولايات المتحدة فى وقت من الأوقات أن يجابهوا الإذلال المفروض عليهم بتشكيل قوة بحرية تجبر الطغاة المتبربرين على الرضوخ سرعان ما وجدوا حسب تعبير جيفرسون أحد رؤسائهم حيث قال أن نحارب الدول المتبربرة و ندفع الملايين كنفقات لتلك الحرب ثم نعقد مع حكامها أخر الأمر صلحا ندفع فيه أموالا أكثر وهدايا أكبر من تلك التى تحفظ السلام الدائم فى الوقت الحاضر فهو أمر غير إقتصادى أبدا.

أمريكا تشكو

لقد كانت الجزية التى تدفع لدول الشمال الإفريقى تشكل عبئا على الولايات المتحدة كما يفهم من مجموع التقارير الخاصة بها وعن تقدير مبلغها ذهب جلين تكر إلى إيراد ما يلى:

حين ذهب جيفرسون إلى لندن برفقة جون أدمز لمقابلة سفير طرابلس عبد الرحمن وجد ان تلك الولاية و هى أضعف أخواتها المتبربرة تطلب ما مجموعه 160 ألف دولار من الولايات المتحدة.

كما أن السفير الطرابلسى يرى أن تونس ستقبل بدورها بمثل هذا المبلغ و كان المطلوب للدول المتبربرة الأربع يرتفع إلى حوالى مليون دولار وهو رقم أرتفع فى السنين التى تلت إذن فالجزية المقترحة و البالغة مليون دولار لهى أكثر من سدس نفقات حكومة الإتحاد بكاملها.

ورغم هذا المبلغ الباهظ و أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن تلقيب دول الشمال الإفريقى بالدول المتبربرة فإن ضرورات السلامة لسفنها كانت أرجح و قد رفض الكونجرس فكرة جيفرسون بناء أسطول قوى يتصدى لهذه الدول لأن نفقة بناءه كانت أكثر من نفقة الجزية و لم يكن إنتصاره مؤكدا.

وكان هناك ضغط من عائلات البحارة المأسورين فى سجون الجزائر و العمل لإفتدائهم و فى رسالة جورج واشنطن إلى الكونجرس بتاريخ 22 فبراير 1791 أكد على أنه سيتخذ الخطوات العملية لتنفيذ قرار الكونجرس، وذلك بمجرد ان يخصص له هذا الأخير المال اللازم لعملية الإفتداء.

وفى مايو 1792 تمكن الكونجرس من رصد 50 ألف دولار لتغطية نفقات إرسال وفد إلى الجزائر و لكن التنفيذ إعترضته عدة شخيات للذهاب لمفاوضة الجزائريين فى أن واحد وكلها لم تصل ولم تباشر العمل بإستثناء لجنة داجيد همفريز الى ان وصلت الى جبل طارق وإشترت الهدايا التى تريد تقديمها إلى داى الجزائر وبقيت تنتظر الإذن لها بالدخول للجزائر.

ولكن قبل وصول الإذن لها وقعت أمامها حادثة أوقفت عملها فقد إستولى الجزائريون على 11 سفينة أمريكية و أسروا 119 بحارا كانوا على متنها فكان لذلك أثره الكبير على الولايات المتحدة حيث إرتفعت نسبة تأمينات الشحن فى الموانى الأمريكية من 10% إلى 30% مرة واحدة وأرسل وفد للمفاوضة.

أنتهى الاتفاق بأن تدفع الولايات المتحدة مبلغ 642500 فى الحال وتدفع جزية سنوية مقدارها 21500 فيما بعد وعقدت الإتفاقية فى 5 سبتمبر 1795 وأقرها مجلس الشيوخ مع ملحقاتها فى خصوص الهدايا النصف سنوية إلخ وتم التوقيع عليها فى 2 مارس 1796.

صداقة بعد عداء

العجيب فى الأمر أن داى الجزائر كان يطلب من الأمريكيين أن يبنوا سفينة و أن يقدموها مع الهدايا ولما أرسلوا له السفينة و الهدايا أبدى إعجابه بها و أطلق عليها إسم الهلال و لكنه طلب بناء سفينتين أخريين و إستجابوا له على مضض.

ففى رسالة الرئيس أدمز إلى الكونجرس بتاريخ 23 يوليو 1798 التى تضمنت موافقته على تلبية رغبة الداى قال أن الداى قد أظهر تقديرا للسفن الأمريكية البناء و أن الموافقة على رغبة الداى تبدو لى أمر بالغ الأهمية فهو سيدفع تكاليف بناء السفينتين وثمن تجهيزاتهما ولما كان قد ساعد فى الحصول على سلم بيننا و بين طرابلس ووعد بمثل ذلك مع تونس فقد غدا له علينا فضل خاص يدفعنا إلى إجابة حاجته.

لقد أصبح الداى منذ ذلك الحين على صداقة مع الولايات المتحدة فتدخل لدى كل من يوسف القرامنلى والى طرابلس وحمودة باشا باى تونس فى سبيل إقناعهما ببنود الإتفاقيتين اللتين عقدها مع حكومة الولايات المتحدة بعد ذلك.

الإتفاقية بين أمريكا وطرابلس

فتم توقيع الإتفاقية الأولى بين أمريكا و طرابلس فى 4 نوفمبر 1796 وأقرها مجلس الشيوخ الأمريكى بعد ذلك بوقت قصير بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات الطفيفة فقط و تم التوقيع على الإتفاقية الثانية مع تونس فى 17 أغسطس 1797 وقد أقرها مجلس الشيوخ الأمريكى مع بعض التحفظات البسيطة.

ولم تسترح الولايات المتحدة من مطالبة داى الجزائر حتى وقعت فى مطالبة باشا طرابلس الذى قال عندما قدموا له الهدايا.. أن هذه الهدايا تكون أعظم تقديرا عندى لو رافقتها سفينة كتلك التى قدموها للجزائر أو سفينة ذات صاريين مثلا و ظل يزيد من شروطه بإستمرار حسبما يبدو من الوثائق الأمريكية فى هذا الشأن لدرجة اقلقتهم و أصبحوا لا يريدون الإستجابة له و هذا ما جعله يعلن الحرب عليهم فى أخر الأمر.

وإستمرت الحرب ل 5 سنوات من 1801 و كانت غير متكافئة فلم يهزم أحدهما الأخر و هذا ما جعلهما فى نهاية الأمر يؤثران الصلح فقبل الباشا أن يأخذ 60 ألف دولار كفدية مقابل 200 أسير أمريكى و أن يفرج الأمريكيون عن 300 أسير طرابلسى.

وفى سنة 1815 وجدت الولايات المتحدة أنها فى حالة تسمح لها بإعلان الحرب على الجزائر وتقابل الأسطولان و رغم صمود الأسطول الجزائرى إلا أن مقتل رئيسه الريس حميدو وأسر سفينة القيادة مسعودة وغرق السفينة التى تليها فى مياه ضحلة جعلت الأسطول الأمريكى يدخل ميناء الجزائر رافعا علم الهدنة و إلى جانبه علم السويد التى كانت تحمى مصالح الأمريكيين و عندما تأكد الداى أنه خسر كثيرا فى تلك الحرب بدون فائدة قبل الصلح.

من مقتطفات الكتاب من محاضر مجلس الأمة الأمريكى

إلى باى تونس:

إننا يا صاحب السعادة بلاد لا قدرة لها على صنع المعقد من الصناعات و تعتمد فى حياتها على الزراعة فتتابدلها مع دول العالم و تبحث عن السلام و تفضل دفع ثمنه على إستعمال السلاح.

توماس جيفرسون – رئيس الولايات المتحدة – 9 سبتمبر سنة 1801




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-